إلى ما عند الله ـ تعالى ـ وهي (١) الجنّة ، وهؤلاء بحسب التمثيل كمن يسير ومعه في مسيره وتحت أقدامه أنهار تروي غليله (٢) ، وترفع عطشه وتسكن حرّ كبده في جنّات النعيم ، وبحسب الحقيقة ستحلّون دار كرامة الله تعالى وجنّات نعمته ، وسيجدون ما كانوا يطلبونه بحسب الفطرة الإلهيّة ممّا يرضون به ويطمئنّون به.
قوله تعالى : (دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللهُمَ)
إنّما خصّ بالذكر من بين جميع صفاتهم وأحوالهم ونعمهم في الجنّة هذه الخصال الثلاث : (دَعْواهُمْ ، تَحِيَّتُهُمْ ، آخِرُ دَعْواهُمْ)، فبيّن أنّها التسبيح والسلام والحمد ؛ لأنّها المناسب لما بيّن من شأنهم في هذه الحياة الدنيا ، فإنّهم بانقلاعهم عن الحياة الدنيا وعدم ركونهم وطمأنينتهم عليها تنزّهوا عنها ونزّهوا ربّهم ، وكان كلّ شيء من هذه الآيات سلاما عليهم غير ضارّ بهم ، وآخر تنزّههم وترفّعهم أدّى بهم إلى نعم خالصة غير مختلطة ولا مشوبة بنقمة ، ليس فيها إلّا ما يثني به على الله ـ تعالى ـ ويحمد له ، فدعواهم في جنّات النعيم تسبيح ربّهم وتحيّتهم فيها سلام ، (وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ).
وقد روي عن النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ أنّه قال : كما تعيشون تموتون وكما تموتون تبعثون (٣).
وفي الكافي عن الباقر ـ عليهالسلام ـ ، عن النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ في حديث : وإنّ المؤمن ليكون له من الجنان ما أحبّ واشتهى ، فيتنعمّ (٤) فيهنّ
__________________
(١). في الأصل : «وهو»
(٢). في الأصل : «غلوله»
(٣). عوالي اللئالي ٤ : ٧٢ ، الحديث : ٤٦.
(٤). في المصدر : «يتنعمّ»