أقول : يؤيّده أنّه تعالى ذكر الدعاء لموسى والإستجابة لهما معا ، ومن أمّن في دعاء كان كمن دعا به ، وقوله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ يوم القيامة قيد لقوله : «استجيب له» أي استجيب له يوم القيامة كما استجيب لكما ، وهذا من شواهد ما ذكرناه آنفا أنّ دعاءه كان شهادة ، فإنّ المجاهدين في الله من المؤمنين سيلحقون يوم القيامة بالشهداء ، قال تعالى : (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ) (١).
وليس من البعيد أن يستفاد معنى قوله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ومن غزا إلى آخره ، من قوله تعالى : عقيب هذه الجملة : (فَاسْتَقِيما وَلا تَتَّبِعانِّ)، أي فاثبتا على ما أنتما عليه من الدعوة والمجاهدة.
وفي الكافي وتفسيري المجمع والعيّاشي عن الصّادق ـ عليهالسلام ـ كان بين قوله الله : (قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما) وبين أخذ (٢) فرعون أربعون (٣) سنة (٤) (٥).
أقول : ويؤيده أنّ ظاهر هذه الآيات أنّها قصصه ـ عليهالسلام ـ في أوّل الدعوة منه.
قوله سبحانه : (قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ)
أراد بقوله : (آمَنْتُ أَنَّهُ)، أن يتساوى حاله مع بني إسرائيل فيخلص كما خلصوا
__________________
(١). الحديد (٥٧) : ١٩.
(٢). في تفسير العياشي : «أن أخذ»
(٣). في المصدرين : «أربعين»
(٤). في الكافي : «عاما»
(٥). الكافي ٢ : ٤٨٩ ، الحديث : ٥ ؛ مجمع البيان ٥ : ٢٢١ ؛ تفسير العيّاشي ٢ : ١٢٧ ، الحديث : ٤٠ ؛ الاختصاص : ٢٦٦.