ومن هنا يظهر وجه تغيير السّياق في قوله تعالى : (أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ* وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً).
قوله ـ سبحانه ـ : (إِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ)
هذا بمنزلة البيان لقوله تعالى : (وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ) ، وهو من شواهد ما ذكرناه أنّ قوله : (وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللهِ)، راجع إلى النهي عن الالتجاء إلى الأسباب من دون الله تعالى.
قوله ـ سبحانه ـ : (وَاتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ)
تتمة للأمرين السابقين بقوله : (قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ) وقوله : (قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ)، وعطف للكلام إلى رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ، فقد كان الخطابان أعني قوله : (قُلْ) و (قُلْ) تلخيصا لمعاني آيات السورة ، وهذا الخطاب أعني قوله : (وَاتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ) تلخيص لمعنى ذينك الخطابين فيما يرجع إلى رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ وهذا نظير قول القائل منّا لرسول يرسله إلى قوم في تكاليف يعود إلى المرسل والمرسل إليهم ، حيث يقول : قل لهم : أمرني فلان أن أعمل كذا وكذا وابلّغه إليكم ليعملوا به ، ثمّ يقول للرسول : واعمل بما تبلّغه إليهم.
وعلى هذا فالمراد بقوله : (وَاصْبِرْ) الاستقامة في جميع اصول التوحيد وفروعه ، والثبات على توحيد الله ـ سبحانه ـ ، وإقامة الوجه للدين الحنيف ، وتحمّل الأذى في جنب الله تعالى حتّى يحكم الله.
ومن ما مرّ يظهر وجه عطف قوله : (وَاتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ) بالواو دون الفاء