وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللهَ بِما يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٣٩) وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَوْلاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (٤٠)]
قوله سبحانه : (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا ...)
الإثبات هو الحبس.
ظاهر الآية أنّها نزلت بعد الهجرة أو بعد قضيّة دار الندوة لمكان قوله : (وَإِذْ)، كما هو ظاهر ما في تفسير العيّاشي عن أحدهما ـ عليهماالسلام ـ : إنّ قريشا اجتمعت فخرج من كلّ بطن اناس ، ثمّ انطلقوا إلى دار الندوة ليتشاوروا فيما يصنعون برسول الله ، فإذا هم بشيخ قائم على الباب فإذا ذهبوا إليه ليدخلوا ، قال : أدخلوني معكم قال : ومن أنت يا شيخ؟
قال : أنا شيخ من [بني] مضر ولي رأي اشير به عليكم ، فدخلوا وجلسوا وتشاوروا وهو جالس ، وأجمعوا أمرهم على أن يخرجوه ، فقال : ليس هذا لكم برأي ، إن أخرجتموه أجلب عليكم الناس فقاتلوكم ، قالوا : صدقت ، ما هذا برأي ، ثمّ تشاوروا فأجمعوا أمرهم على أن يوثقوه ، قال : هذا ليس بالرأي ، إن فعلتم هذا ـ ومحمّد رجل حلو اللسان ـ أفسد عليكم أبناءكم وخدمكم ، وما ينفع أحدكم لو فارقه ابنه وأخوه أو امرأته ، ثمّ تشاوروا فأجمعوا أمرهم أن يقتلوه ، يخرجون من كلّ بطن منهم بشاهر فيضربونه بأسيافهم جميعا عند الكعبة ، ثمّ قرأ هذه الآية : (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا). (١)
أقول : والقصّة معروفة وردت بها الروايات من طرق العامّة والخاصّة مجملة ومفصّلة ، وما أوردناه أقرب من المعنى الذي اشتركت فيه الجميع ونطق بها
__________________
(١). تفسير العيّاشي ٢ : ٥٣ ـ ٥٤ ، الحديث : ٤٢ ؛ البرهان في تفسير القرآن ٤ : ٣١٦.