التاريخ ، وسنورد القصّة بتمامها في آية «الغار» من سورة البراءة.
وفي بعض الروايات أنّ الآية نزلت حينئذ ، وقد مرّ أنّ ظاهر الآية غير ذلك ، لكنّ ظاهرها أنّ القول قول الراوي كما فيما عن ابن عبّاس وهند بن أبي هالة ، وما في تفسير القمّي.
وقوله تعالى : (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ)
إعادة مكر الكفّار في الذكر ثانيا ليتمّ صورة المقابلة في قوله : (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ)، فيدلّ على تفاعل المكرين وتدافعهما ، و (يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ). (١)
هذا والمكر هو الفعل الذي ظاهره خير وباطنه شرّ ، فيأمنه ويأنس به الممكور له ، فلا يتّقي شرّه ، فيؤثّر فيه بباطنه الشرّ ، والمستعمل منه بين الناس غالبا هو المكر لغرض الغدر والإغفال فيكون مذموما ، وإن كان ربما كان لغرض آخر فلا يكون مذموما كالمكر مع من يمكر بك تريد به دفعه ، فالمكر غير مذموم بالذات وإنّما يختلف بالوجوه والاعتبارات.
وعلى هذا يمكن أن يطلق عليه تعالى كما أطلقه على نفسه في كتابه ، ومكر الكفّار وهو أن يفعلوا فعلا ظاهره حسن وباطنه سيّء ، يريدون به المكر بالله تعالى وبرسوله ، هو بعينه فعل يحسبونه لهم ، وهو في الواقع عليهم ، فمكرهم برسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ مكر من الله بهم ، فقوله سبحانه : (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ)، نظير قوله تعالى : (وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ
__________________
(١). الفتح (٤٨) : ١٠.