مُسْتَهْزِؤُنَ* اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) ، (١) فاستهزاؤهم بالمؤمنين بعينه استهزاء من الله تعالى بهم.
وبالجملة ، فالمكر من الله سبحانه هو الفعل يفعله الإنسان يحسبه خيرا له وهو شرّ له ، وحيث كان مكر الماكر ربّما كان مذموما إذا كان لغرض مذموم ، أو ممدوحا حسنا إذا كان لغرض ممدوح وهو من الله سبحانه حسن ، لأنّه لا يفعل إلّا الحسن ، ولا يفيض إلّا الخير ، صحّ أنّه خير الماكرين كما سمّى به نفسه.
قوله سبحانه : (قالُوا قَدْ سَمِعْنا) ـ إلى قوله ـ : (أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) قيل : قائله النضر بن الحرث بن كلدة ، وهو الذي جاء بحديث رستم وإسفنديار من بلاد فارس ، وزعم أنّ ما جاء به النبيّ من قبيل ذاك ، وحضر بدرا مع المشركين ، فاسر وسيق مع الأسارى حتّى نزل رسول الله الأثيل ، وهو مكان على ستّة أميال من بدر ، نزل به عشيّة يومه فأحضره وعقبة بن أبي معيط ، ثمّ أمر عليّا فضرب أعناقهما.
وقوله : (قَدْ سَمِعْنا)
حذف متعلّق الفعل للتحقير والاستكبار ، وكذا الإتيان باسم الإشارة مكان الضمير في قوله (مِثْلَ هذا).
وقوله : (إِنْ هذا)
في مكان التعليل له.
__________________
(١). البقرة (٢) : ١٤ ـ ١٥.