فقالت : وكيف أتصدّق وليس لي ثوب غيرها فطافت بالبيت عريانة وأشرف لها الناس ، فوضعت إحدى يديها على قبلها والاخرى على دبرها.
وقالت شعرا :
اليوم يبدو بعضه أو كلّه |
|
فما بدا منه فلا احلّه |
فلمّا فرغت من الطواف خطبها جماعة ، فقالت : إنّ لي زوجا ، وكانت سيرة رسول الله قبل نزول سورة براءة أن لا يقاتل إلّا من قاتله ، ولا يحارب إلّا من حاربه وأراده ، وقد كان أنزل عليه في ذلك : (فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَما جَعَلَ اللهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً) ، (١) فكان رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ لا يقاتل أحدا قد تنحّى عنه واعتزله حتّى نزلت عليه سورة براءة وأمره بقتل المشركين ، من اعتزله ومن لم يعتزله ، إلّا الذين قد عاهدهم رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ يوم فتح مكّة إلى مدّة ، منهم : صفوان بن اميّة ، وسهيل بن عمرو ، فقال الله عزوجل : (بَراءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ* فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) ثمّ يقتلون حيثما وجدوا ، فهذه أشهر السياحة عشرين من ذي الحجّة ومحرّم وصفر وشهر ربيع الأوّل وعشرة من شهر ربيع الآخر.
فلمّا نزلت الآيات من سورة براءة دفعها رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ إلى أبي بكر وأمره أن يخرج إلى مكّة ويقرأها على الناس بمنى يوم النحر ، فلمّا خرج أبو بكر نزل جبرئيل على رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ فقال : يا محمّد لا يؤدّي عنك إلّا رجل منك ، فبعث رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ أمير المؤمنين ـ عليهالسلام ـ في طلب أبي بكر ، فلحقه بالروحاء وأخذ منه الآيات ، فرجع
__________________
(١). النساء (٤) : ٩٠.