(سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِما أَشْرَكُوا بِاللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَمَأْواهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ (١٥١))
قلت : (الرعب) : الخوف ، وفيه الضم والسكون ، وهكذا كل ثلاثى ساكن الوسط ، كالقدس والعسر واليسر ، وشبه ذلك ، و (بما أشركوا) : مصدرية.
يقول الحق جل جلاله : سنقذف (فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا) كأبى سفيان وأصحابه ، (الرُّعْبَ) والخوف ، حتى يرجعوا عنكم بلا سبب ، بسبب شركهم بالله (ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً) ولا حجة على استحقاق العبادة ، (وَمَأْواهُمُ النَّارُ) أي : هى مقامهم ، (وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ) أي : قبح مقامهم. ووضع الظاهر موضع المضمر للتغليظ فى العلة.
الإشارة : فيها تسلية للفقراء ، فإنّ كل من هم بإذايتهم ألقى الله فى قلبه الرعب ، حتى لا يقدر أن يتوصل إليهم بشىء مما أمّل فيهم ، وقد رأيتهم هموا بقتلهم وضربهم وحبسهم ، وسعوا فى ذلك جهدهم ، وعملوا فى ذلك بينات على زعمهم ، توجب قتلهم ، فكفاهم الله أمرهم ، وألقى الرعب فى قلوبهم ، فانقلبوا خائبين وماتوا ظالمين ، والله ولى المتقين.
ثم ذكّرهم الله تعالى ما وعدهم من النصر ، فقال :
(وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ وَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما أَراكُمْ ما تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفا عَنْكُمْ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (١٥٢))
قلت : حسّه : إذا قتله وأبطل حسه ، وجواب (إذا) : محذوف ، أي : حتى إذا فشلتم وتنازعتم وعصيتم امتحناكم بالهزيمة ، والواو لا ترتب ، والتقدير : حتى إذا تنازعتم وعصيتم وفشلتم سلبنا النصر عنكم.
يقول الحق جل جلاله : (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ) ما وعدكم من النصر لو صبرتم واتقيتم ، وذلك حين كنتم (تَحُسُّونَهُمْ) بالسيف ، وتقتلونهم حتى انهزموا هاربين ، بإذنه تعالى وإرادته ، (حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ) أي : جبنتم