فإن بقي للنفس بقية ، نقص ميراث الروح منها ، بقدر البقية ، كما أن الزوج ينقص ميراثه مع الفرع ، وكذلك إذا ماتت الروح بالرجوع عن طريق الجد ، ورثت النفس ما كان لها من العلوم الوهبية ، والمعاني والأسرار القدسية ، فتأكلها ، وتردها نقلية حسية ، بعد أن كانت وهبية ذوقية ، فتتحسس المعاني ، وتتكثف الأوانى. والعياذ بالله من السلب بعد العطاء ، إلا أن ميراث النفس من الروح أقوى ، فإن بقي للروح شىء من الحياة ، نقص ميراث النفس منها ، كنقص الزوجة مع الفرع من ميراث الزوج ، والله تعالى أعلم.
ثم ذكر ميراث الأخ للأخ ، فقال :
( ... وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ فَإِن كَانُوا أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (١٢))
قلت : الكلالة : انقطاع النسل ، بحيث لم يبق للميت فرع ولا أصل ، لا ذكر ولا أنثى ، وهو مصدر من تكلّله النسب ، إذا أحاط به كالإكليل ، لأن ورثته أحاطوا به وليسوا منه. ونظم بعضهم معنى الكلالة ، فقال :
إن امرؤ يسأل عن كلالة |
|
هو انقطاع النّسل لا محالة |
لا والد يبقى ولا مولود |
|
قد هلك الأبناء والجدود |
فتحتمل أن تطلق هنا على الميت ، أو على الورثة ، أو على الوراثة ، أو على القرابة أو على المال. فإن كانت على الميت ، فإعرابه خبر كان ، و (يورث) صفة ، أو (يورث) خبر كان ، و (كلالة) حال من الضمير فى (يورث) ، أو «كان» تامة ، و (يورث) صفة و (كلالة) حال من الضمير. وإن كانت على الورثة ، فهو خبر كان ، على حذف مضاف ؛ أي : ذا كلالة ، وإن كانت الوراثة فهو مصدر فى موضع الحال ، وإن كانت القرابة ، فهو مفعول من أجله ، أي : يورث من أجل القرابة. وإن كانت للمال ، فهو مفعول ثان ليورث ، وكل من هذه يحتمل أن تكون «كان» تامة أو ناقصة. قاله ابن جزى. و (غير مضار) ، منصوب على الحال ، أو العامل فيه (يوصى) ، و (مضار) اسم فاعل ، ووصية : مصدر ليوصى ، أو مفعول (مضار).
يقول الحق جل جلاله : وإن كان الميت رجلا أو امرأة ، يورثان كلالة ، بحيث لا فرع لهما ولا أصل ، قد انقطع عمود نسبهما ، ولهما أخ أو أخت لأم (فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ). (فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ