أو لأب ، أو لأم ، (أَوْ بَنِي إِخْوانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَواتِهِنَ) وإن سفلوا ، ويدخل سائر المحارم ، كالأعمام ، والأخوال ، وغيرهم ؛ لكثرة المخالطة وقلة توقع الفتنة من قبلهم ، فإن تحققت ؛ حيل بينهم ، وعدم ذكر الأعمام والأخوال ، لأن الأحوط أن يسترن عنهم ؛ حذرا من أن يصفوهنّ لأبنائهم ، (أَوْ نِسائِهِنَ) ؛ يعنى جميع المؤمنات ؛ فكأنه قال : أو صنفهن ؛ ويخرج من ذلك نساء الكفار ؛ لئلا يصفنهنّ إلى الرجال ، (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَ) ، يعنى : الإماء المؤمنات أو الكتابيات ، وأما العبيد ففيهم ثلاثة أقوال : منع رؤيتهم لسيدتهم ، وهو قول الشافعي ، والجواز ، وهو قول ابن عباس وعائشة ، والجواز بشرط أن يكون العبد وغدا (١) ، وهو قول مالك.
قال البيضاوي : روى أنه ـ عليه الصلاة والسلام ـ أتى فاطمة بعبد ، وهبه لها ، وعليها ثوب إذا قنّعت به رأسها لم يبلغ رجليها ، وإذا غطّت رجليها لم يبلغ رأسها ، فقال ـ عليه الصلاة والسلام : «إنه ليس عليك بأس ، إنما هو أبوك وغلامك» ، فانظر من أخرجه (٢). واختلف : هل يجوز أن يراها عبد زوجها ، وعبد الأجنبى ، أم لا؟ على قولين.
(أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ) أي : الذين يتبعونكم ليصيبوا من فضل طعامكم ، أو لخدمة ، أو لشىء يعطاه ، كالوكيل والمتصرف. وقال بعضهم : هو الذي يتبعك وهمّه بطنه ، ويشترط ألا تكون له إربة ، أي : حاجة وشهوة إلى النساء ؛ كالخصيّ ، والمخنّث ، والشيخ الهرم ، والأحمق ، فلا تجوز رؤيتهم إلا باجتماع الشرطين : أن يكونوا تابعين ، ولا إربة لهم فى النساء. (أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ) ، أراد بالطفل : الجنس ، ولذلك وصفه بالجمع ، ويقال فيه : «طفل» ما لم يراهق الحلم. و (يظهروا) معناه : يطلعون بالوطء على عورات النساء من : ظهر على كذا : إذا قوى عليه ، فمعناه : الذين لم يطيقوا وطء النساء ، أو : لا يدرون ما عورات النساء؟
(وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَ) ، كانت المرأة تضرب برجلها الأرض ليسمع قعقعة خلخالها ، فيعلم أنها ذات خلخال ، فنهين عن ذلك ؛ إذ سماع صوت الزينة كإظهارها ، فيورث ميل الرجال إليهن. ويوهم أن لهن ميلا إليهم. قال الزجاج : سماع صوت الزينة أشد تحريكا للشهوة من إبدائها. ه.
__________________
(١) الوغد : الصبي. وخادم القوم ، والجمع : أوغاد ، ووغدان ، ووغدان .. انظر اللسان (وغد).
(٢) أخرجه أبو داود فى (اللباس ، باب فى العبد ينظر إلى شعر مولاته ، ح ٤١٠٦) ، والبيهقي (٧ / ٩٥) من حديث أنس رضي الله عنه.