فالظاهرة : وجود النعمة ، والباطنة : شهود المنعم ، أو : الظاهرة : الدنيوية ، والباطنة : الدينية. أو : الخلق والخلق ، أو : نفس بلا زلّة ، وقلب بلا غفلة ، أو : عطاء ورضى. أو : الظاهرة : فى الأموال ونمائها ، والباطنة : فى الأحوال وصفائها ، أو : الظاهرة : النعمة ، والباطنة : العصمة ، أو : الظاهرة : توفيق الطاعات ، والباطنة : قبولها ، أو : الظاهرة : صحبة العارفين ، والباطنة : حفظ حرمتهم وتعظيمهم. أو : الظاهرة : الزهد فى الدنيا ، والباطنة : الاكتفاء بالله من الدنيا والعقبى. أو : الظاهرة : الزهد ، والباطنة : الوجد. أو : الظاهرة : توفيق المجاهدة ، والباطنة : تحقيق المشاهدة ، أو : الظاهرة : وظائف النّفس ، والباطنة : لطائف القلب ، أو : الظاهرة : اشتغالك بنفسك عن الخلق ، والباطنة : اشتغالك بربّك عن نفسك ، أو : الظاهرة : طلبه ، والباطنة : وجوده ، أو : الظاهرة : أن تصل إليه ، والباطنة : أن تبقى معه. ه. ببعض المعنى.
ثم قال القشيري : (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ ..) الآية : لم يتخطوا أمثالهم ، ولم يهتدوا إلى تحوّل أحوالهم ه. يعنى : قلدوا أسلافهم فى الإقامة مع الرسوم والأشكال ، والانهماك فى الحظوظ ، فعاقهم ذلك عن السير والوصول. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وأما من خالف أمثاله وأشكاله ، وانقاد بكليته إلى مولاه ، فقد استمسك بالعروة الوثقى ، كما قال تعالى :
(وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى وَإِلَى اللهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ (٢٢) وَمَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٢٣) نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ (٢٤))
قلت : قال فى الحاشية : لمّا ذكر حال الكافر المجادل ذكر حال المسلم ، وعدّاه هنا بإلى ، وفى قوله : (بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ) (١) ، باللام ؛ لأنه لمّا كان المجادل غير معين ، ولم يخص له واحدا بعينه ، عقّبه بحال من حصل منه مطلق الاستسلام ، ومدحه يتناول مدح من اتصف بأخص الاستسلام. أو : فى الآية الأخرى أتى به خاصا ، لما رتب عليه من الثواب الجزيل بقوله : (فَلَهُ أَجْرُهُ ...) إلخ ، الذي لم يذكر هنا إلا بعضه ، فإن اللام تقتضى الاختصاص والقصد إلى الشيء. و «إلى» : لا تقتضى ذلك. انظر ابن عرفة.
وقال النسفي : عدّاه هنا بإلى وهناك باللام ؛ لأن معناه ، مع اللام : أنه جعل وجهه ـ وهو ذاته ونفسه ـ سالما لله ، أي : خالصا له ، ومعناه ، مع «إلى» : أنه سلّم نفسه كما يسلم المتاع إلى الرجل ، إذا دفع إليه. والمراد : التوكل عليه والتفويض إليه. ه. أي : فهو أبلغ من اللام ، ومثله البيضاوي.
__________________
(١) الآية ١١٢ من سورة البقرة.