تأكيدا لنفي تواطؤ قلوبهم لألسنتهم (وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يَكْتُمُونَ) من النفاق ، فإنه يعلمه مفصّلا بإحاطة ، وأنتم تعلمون مجملا بأمارة.
[١٦٨] ـ (الَّذِينَ قالُوا) رفع بدلا من واو «يكتمون» أو نصب وصفا ل «الذين نافقوا» أو على الذم (لِإِخْوانِهِمْ) لأجلهم يعني : من قتل بأحد من جنسهم أو أقاربهم (وَقَعَدُوا) أي ؛ قالوا وقد قعدوا عن القتال (لَوْ أَطاعُونا) على القعود (ما قُتِلُوا) كما لم نقتل (قُلْ فَادْرَؤُا) فادفعوا (عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) في ان سبب نجاتكم من القتل القعود. يعني إنّ القعود غير مغن ، لأنه كما يكون سببا للنجاة والقتال سببا للموت ، قد يكون الأمر على العكس.
[١٦٩] ـ (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً) نزلت في شهداء بدر ، أو احد ، والخطاب للرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أو لكل أحد. وشدّد «ابن عامر» : «قتلوا» (١) لكثرتهم (بَلْ أَحْياءٌ) بل هم أحياء (عِنْدَ رَبِّهِمْ) مقرّبون شرفاء (يُرْزَقُونَ) من الجنة وهو تأكيد لكونهم أحياء.
[١٧٠] ـ (فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) وهو كرامة الشهادة والحياة وشرف الرتبة والتّنعّم في الجنة (وَيَسْتَبْشِرُونَ) يسرّون بالبشارة (بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ) أي بإخوانهم المجاهدين الذين لم يقتلوا فيلحقوا بهم (مِنْ خَلْفِهِمْ) زمانا أو رتبة (أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) بدل من «الذين» والمعنى : يستبشرون بما تبيّن لهم من حال من تركوا خلفهم من المؤمنين وهو أنهم إذا بعثوا لم يصبهم خوف ، ولا حزن. وفيها حثّ على الجهاد وترغيب في الشهادة ، وازدياد الطاعة.
[١٧١] ـ (يَسْتَبْشِرُونَ) كرر ليتعلّق به ما هو بيان لقوله «ألّا خوف». أو الأول بحال إخوانهم والثاني بحال أنفسهم (بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ) أجرا لأعمالهم (وَفَضْلٍ) زيادة عليه. ونكّرا تعظيما (وَأَنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ) عطف على «فضل» وكسرها
__________________
(١) تفسير كنز الدقائق ٢ : ٢٦٨ وتفسير البيضاوي ٢ : ٥٣.