الله بأنه يرفعه الى السماء ، فقال لأصحابه : «أيّكم يرضى أن يلقى عليه شبهي فيقتل ، ويصلب ، وله الجنة»؟ فقام أحدهم فألقى الله عليه شبهه ، فقتل ، وصلب. (١)
وقيل : دلّ عليه رجل كان ينافقه فألقى الله عليه شبهه ، فأخذ وصلب ، (٢) و «شبّه» مسند الى «لهم» أو الى ضمير المقتول الدّال عليه «إنّا قتلنا» (وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ) في «عيسى» فقال بعضهم : رفع الى السماء ، وقال بعضهم : قتلناه ، وقال بعضهم : صلب النّاسوت وصعد اللاهوت وتردد آخرون فقال بعضهم : الوجه وجه عيسى والبدن بدن صاحبنا ، وقال بعضهم : ان كان هذا عيسى فأين صاحبنا؟ وان كان صاحبنا وأين عيسى؟ (لَفِي شَكٍّ مِنْهُ) أريد بالشّك ما يقابل العلم ، ترجح أحد طرفيه أم لا (ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِ) استثناء منقطع ولكنهم يتّبعون الظن (وَما قَتَلُوهُ يَقِيناً) قتلا يقينا كما زعموا ، أو متيقنين ، أو هو تأكيد للنفي.
[١٥٨] ـ (بَلْ رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ وَكانَ اللهُ عَزِيزاً) لا يقهر (حَكِيماً) فيما يدبّر.
[١٥٩] ـ (وَإِنْ) وما (مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) أحد (إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ) بعيسى أنه عبد الله ورسوله (قَبْلَ مَوْتِهِ) أي الكتابي حين يعاين ولا ينفعه ايمانه. ويعضده أن قرئ : «إلّا ليؤمنن به قبل موتهم» ـ بضمّ النون ـ لأن أحدا بمعنى الجمع.
وهذا بعث لهم على معاجلة الإيمان به أوان الانتفاع ، أو قبل موت عيسى إذا نزل من السماء ، فإنه ينزل في آخر الزمان فلا يبقى أحد من أهل الكتاب إلّا يؤمن به ، ويصلي خلف المهدي من آل محمد عليهالسلام ، وتكون الملّة واحدة وهي ملة الإسلام ، وتقع الأمنة حتى ترتع السباع مع الأنعام ، ويلبث في الأرض أربعين سنة ثم يتوفى ، ويصلّي عليه المسلمون ويدفنونه (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً) بكفر
__________________
(١) قاله قتادة ، والسدي ، ومجاهد ، وابن إسحاق ، وابن جريج ـ كما يفي تفسير التبيان ٣ : ٣٨٢ وتفسير مجمع البيان ٣ : ١٣٦ ـ.
(٢) قاله بعض النصارى ـ كما في تفسير التبيان ٣ : ٣٨٣ ـ.