الله عليه حتى فتح (١) أو (يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ) يسيرون متحيّرين ، لا يهتدون طريقا. فالتحريم مطلق ، وقد قيل : «لم يدخل الأرض المقدّسة كلّ من قال لن ندخلها» وماتوا في التيه وانما فتحها ذراريهم. (٢)
قيل : لبثوا أربعين سنة في ستة فراسخ ، يسيرون كل يوم ، فإذا أمسوا كانوا بحيث ارتحلوا عنه ، والغمام يظلّهم عن الشمس ويضيء لهم بالليل عمود نور ، وطعامهم المنّ والسّلوى ، وماؤهم من الحجر (٣) والأشهر أن موسى وهارون كانا معهم ، وكان ذلك لهما روحا ولهم عقوبة (فَلا تَأْسَ) فلا تحزن (عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ) بالندم على الدعاء عليهم ، فإنّهم أحقاء به لفسقهم.
[٢٧] ـ (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ) هابيل وقابيل ، وقد أمر الله آدم أن ينكح كلا منهما توأم الآخر فأبى قابيل ، لأن توأمه كانت أجمل ، فقال لهما آدم : قرّبا قربانا فمن أيكما قبل نكحها ، فقبل قربان هابيل بأن نزلت نار فأكلته فازداد قابيل حسدا وفعل ما قصّ (بِالْحَقِ) تلاوة متلبّسة بالحق ، أو اتله متلبّسا بالصّدق (إِذْ قَرَّبا) ظرف ل «نبأ» أو حال منه (قُرْباناً) هو ما يتقرب به الى الله ، وأصله مصدر ، فلذا لم يثنّ ، أو أريد قرّب كلّ قربانا. وكان هابيل ذا ضرع فقرّب من خير غنمه ، وقابيل ذا زرع فقرّب أردأه (فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ) إذ سخط حكم الله وقرّب شرّ ما له (قالَ لَأَقْتُلَنَّكَ) توعّده بالقتل حسدا له على تقبّل قربانه لأنه (قالَ) جوابا له (إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) أي إنما أصبت من قبل نفسك بترك التقوى لا من قبلي ، فلم تقتلني؟ وظاهره اشتراط قبول العمل بالتقوى ويشكل بطاعة الفاسق إذا وقعت على الوجه الشرعي ويمكن كون الشرط التقوى في ذلك العمل بأن يوقعه على وجهه.
__________________
(١) قاله الزجاج ـ كما في تفسير مجمع البيان ٢ : ١٨٢.
(٢) نقله الطبرسي في جوامع الجامع ١ : ٣٢٣.
(٣) قاله الربيع ـ كما في تفسير الطبري ٦ : ١٨١ ـ.