فهو مثلهم ، أتى بآيات من الله كما أتوا بها ، وليس بإله (وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ) كبعض النساء المصدقات للأنبياء ، أو الملازمات للصدق ، بيّن غاية كمالهما ، وأنه لا يوجب إلهيتهما ، لمشاركة كثير لهما فيه ، ثم بيّن نقصهما المنافي للأولوهية بقوله (كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ) ويحتاجان اليه كالحيوانات المركبّة المصنوعة (انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآياتِ) الدالة على بطلان قولهم (ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) كيف يصرفون عن تدبرها. و «ثمّ» لتفاوت ما بين العجبين ، أي ان بياننا للآيات عجيب وإعراضهم عنها أعجب.
[٧٦] ـ (قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً) هو «عيسى» أي لا يملك مثل ما يضر الله به من المحن ، وما ينفع به من المنح ، وتقديم الضّر يعطى أن الخوف أدعى الى الطاعة من الرجاء ، إذ دفع الضرّ أهم من جلب النفع (وَاللهُ هُوَ السَّمِيعُ) للأقوال (الْعَلِيمُ) بالأحوال.
[٧٧] ـ (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا) لا تجاوزوا الحدّ (فِي دِينِكُمْ) غلّوا (غَيْرَ الْحَقِ) فترفعوا «عيسى» وتجعلوه إلها ، أو تضعوه وتجعلوه لغير رشدة أو خطاب للنصارى فقط (وَلا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا) عن الحق وهم أسلافهم (مِنْ قَبْلُ) قبل بعث محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم (وَأَضَلُّوا كَثِيراً) تبعهم في ضلالهم (وَضَلُّوا) حين بعث صلىاللهعليهوآلهوسلم فكذبوه (عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ) الطريق المستقيم ، أي الإسلام.
[٧٨] ـ (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ) لعن داود أهل «أيلة» حين اعتدوا في السبت ، فمسخوا قردة ، ولعن عيسى أصحاب المائدة حين كفروا ، فمسخوا خنازير (ذلِكَ) اللعن (بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ) بسبب عصيانهم واعتدائهم.
[٧٩] ـ (كانُوا لا يَتَناهَوْنَ) لا ينهى بعضهم بعضا ، أو لا ينتهون (عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ) عن معاودته ، أو عن مثله (لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ) قسم مؤكد لذم فعلهم.