استثنى بدليل (أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ) فإنّ الخنزير أو لحمه خبيث قذر (أَوْ فِسْقاً) عطف على «لحم خنزير» (أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ) ذبح على اسم الصنم ، وسمي فسقا لتوغله فيه (فَمَنِ اضْطُرَّ) إلى تناول شيء من ذلك (غَيْرَ باغٍ) اللذّة (وَلا عادٍ) حد الضرورة (فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ) له (رَحِيمٌ) به ، والآية محكمة ، إذ مفادها عدم وجدان محرّم الى تلك الغاية غير هذه ، فلا ينافيه تحريم شيء آخر بعدها ، ولا في ذلك الوقت ، لجواز كون الحصر إضافيا ، أو تخصيص عموم الإباحة بدليل.
[١٤٦] ـ (وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ) كل ما له إصبع كالإبل والطيور والسباع أو كل ذي مخلب وحافر (وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما) الثروب وشحم الكلى (إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما) اشتمل عليها (أَوِ الْحَوايا) أو ما اشتمل على الأمعاء جمع «حاوية» أو حاوياء (أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ) هو شحم الالية لاختلاطه بالعصص (١) (ذلِكَ) الجزاء (جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ) بسبب ظلمهم (وَإِنَّا لَصادِقُونَ) فيما نقول.
[١٤٧] ـ (فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ واسِعَةٍ) حيث أمهلكم ، أو لأهل طاعته (وَلا يُرَدُّ بَأْسُهُ) عذابه (عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ) إذا نزل.
[١٤٨] ـ (سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ شَيْءٍ) أي لو شاء خلاف ذلك ما فعلناه نحن ولا آباؤنا ولكن فعلناه بمشيّته لا باختيارنا. تعللوا بقول المجبرة (كَذلِكَ) كما كذبوا شهادة الحجج العقليّة والسمعية بغناه تعالى وبراءته من مشيّته القبائح بالذات (كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) الحجج (حَتَّى ذاقُوا بَأْسَنا) عذابنا (قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ) حجة توجب علما فيما زعمتم (فَتُخْرِجُوهُ) فتبدوه (لَنا إِنْ تَتَّبِعُونَ) في ذلك (إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ) تكذبون فيه.
__________________
(١) العصص : عظم الذنب.