امتناعها إذ لم يرتدعوا بما عرّفهم من امتناعها حتى ألحوا عليه وقالوا : (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً) فاحتاج إلى
ما هو أبلغ في ردعهم.
وهو طريق السؤال والجواب من الله ، ولذلك سألها لنفسه دونهم ليعلموا أنه إذا منعها مع علوّ قدره ، فهم أولى بالمنع ، ولئلا يقولوا لو سألها لنفسه لرآه ورأينا. كما سمعنا كلامه حين كلمه (قالَ لَنْ تَرانِي) لن لتأبيد النفي وتأكيده وإذا لم يره أبدا ، لم يره غيره إجماعا (وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي) استدراك من النظر إليه الى النظر الى الجبل وما يغشاه بسبب سؤالهم العظيم الممتنع ، ليعلموا امتناع رؤيته بذلك وبتعليقها على المحال ، وهو : استقراره عقيب النظر حالة تحركه ، وإمكان الاستقرار حينئذ ممنوع (فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ) ظهر له أمره واقتداره أو نوره أو عظمته (جَعَلَهُ دَكًّا) مدكوكا أي مدقوقا ومده «حمزة» و «الكسائي» بلا تنوين ، (١) أي مستويا بالأرض (وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً) مغشيا عليه ، لهول ما رأى (فَلَمَّا أَفاقَ قالَ سُبْحانَكَ) تنزيها لك عما لا يليق بك من الرؤية وغيرها (تُبْتُ إِلَيْكَ) من طلب الرؤية أو السؤال بلا إذن (وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) بأنك لا ترى أبدا.
[١٤٤] ـ (قالَ يا مُوسى إِنِّي) وفتح «ابن كثير» و «أبو عمرو» «الياء» (٢) (اصْطَفَيْتُكَ) اخترتك (عَلَى النَّاسِ) أهل زمانك (بِرِسالاتِي) ووحدها «ابن كثير» و «نافع» (٣) (وَبِكَلامِي) وبتكليمي إياك (فَخُذْ ما آتَيْتُكَ) من النبوّة والدّين (وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ) لنعمي.
[١٤٥] ـ (وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ) ألواح التوراة وكانت سبعة أو عشرة من خشب أو ياقوت أو زمرّد (مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) يحتاج إليه في الدين (مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً) تبيينا بدل
__________________
(١) حجة القراءات : ٢٩٥.
(٢) النشر في القراءات العشر ٢ : ٢٧٥.
(٣) حجة القراءات : ٢٩٥.