فلما رأى الملائكة نكص ، فقالوا له أتخذ لنا على هذه الحال؟ فقال إني أرى ما لا ترون ، وانطلق وانهزموا ، فقدموا مكة وقالوا هزم الناس «سراقة» فبلغه ذلك فقام : والله ما شعرت بمسيركم حتى بلغني هزيمتكم ، فلما اسلموا علموا أنه إبليس ، وروي (١) ذلك عن الصادقين عليهماالسلام. وفتح «الحرميان» و «أبو عمرو» : ياء «اني أرى» وياء «اني أخاف» (٢) (وَاللهُ شَدِيدُ الْعِقابِ) من كلامه أو مستأنف. (٣)
[٤٩] ـ (إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) شك في الإسلام مع إظهاره (غَرَّ هؤُلاءِ) أي المسلمين (دِينُهُمْ) إذ خرجوا مع قتلهم الى قتال الجيش الكثير ظانين النصر بسببه فأجيبوا (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَإِنَّ اللهَ عَزِيزٌ) غالب لا يغلب حزبه وان قلّ (حَكِيمٌ) في تدبيره.
[٥٠] ـ (وَلَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ) ببدر ومفعول «ترى» مقدر أي الكفرة حين تتوفاهم الملائكة. وقرأ (٤) «ابن عامر» بالتاء (يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ) حال منهم ، أو من «الملائكة» أو منهما (وَأَدْبارَهُمْ) ظهورهم أو أستاههم (وَذُوقُوا) أي يقولون لهم ذوقوا (عَذابَ الْحَرِيقِ) أي نار الآخرة ، أو مقامع حديد ، كلما ضربوا التهبت نارا. وجواب «لو» حذف تهويلا.
[٥١] ـ (ذلِكَ) العقاب (بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ) أي بسبب ما فعلتم (وَأَنَ) وبسبب انّ (اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) بتعذيبهم بغير ذنب لا بتركه من مستحقه ، إذ العفو لا يسمّى ظلما.
[٥٢] ـ (كَدَأْبِ) أي دأب هؤلاء وهو عادتهم مثل دأب (آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) من الأمم (كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ) بيان لدأبهم (فَأَخَذَهُمُ اللهُ) بالعقاب (بِذُنُوبِهِمْ) كأخذه هؤلاء (إِنَّ اللهَ قَوِيٌ) لا يمنع (شَدِيدُ الْعِقابِ) لمستحقّه.
__________________
(١) تفسير الصافي ٢ : ٣٠٨.
(٢) النشر في القراءات العشر ٢ : ٢٧٧.
(٣) في تفسير البيضاوي ٢ : ٢٦٩ ـ : والله شديد العقاب يجوز ان يكون من كلامه وان يكون مستأنفا.
(٤) حجة القراءات : ٣١١.