قال (١) ابن عباس : كان انكار الفداء حال قلة المسلمين ، فلما كثروا خيّروا بينه وبين المنّ بقوله : (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً). (٢)
[٦٨] ـ (لَوْ لا كِتابٌ) حكم (مِنَ اللهِ سَبَقَ) وهو أنه لا يعذب بما لم ينه عنه صريحا ، أو لا يعاقب من أخطأ في اجتهاده ، أو سيحل لكم الفداء (لَمَسَّكُمْ) لأصابكم (فِيما أَخَذْتُمْ) من الفداء (عَذابٌ عَظِيمٌ) والخطاب لغيره صلىاللهعليهوآلهوسلم لعصمته وكراهته الفداء.
[٦٩] ـ (فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ) من الغنائم. قيل أمسكوا عنها فنزلت ، أو من الفداء فإنه من الغنائم (حَلالاً) حال من «ما» أو أكلا حلالا وكذا (طَيِّباً وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ) غفر ذنوبكم (رَحِيمٌ) أبا حكم ما غنمتم.
[٧٠] ـ (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى) وقرأ «أبو عمرو» «الأسارى» (٣) (إِنْ يَعْلَمِ اللهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً) ايمانا خالصا (يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ) من الفداء (وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) نزلت في العباس كلفه النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يفدى نفسه وابني أخويه عقيل ابن أبي طالب ، ونوفل بن الحارث ، فأظهر الفقر ، فقال له : أين الذهب الذي دفعته الى أم الفضل حين خرجت وقلت لها : ان حدث فيّ حدث فهو لك ولأولادي؟ فقال ما يدريك ، فقال : اخبرني ربي به ، فقال أشهد أنك صادق وأن لا إله إلّا الله وانك رسوله ، لم يطلع عليه إلّا الله ، قال فابدلني الله منها عشرين عبدا ، أدناهم يضرب بعشرين ألفا ، وأعطاني «زمزم» وانا انتظر المغفرة من ربي.
[٧١] ـ (وَإِنْ يُرِيدُوا) أي الأسرى (خِيانَتَكَ) بإظهار الإيمان (فَقَدْ خانُوا اللهَ) بالكفر (مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ) المؤمنين ببدر ، فإن عادوا فسيمكن منهم (وَاللهُ عَلِيمٌ) بنياتهم (حَكِيمٌ) في صنعه بهم.
__________________
(١) نقل القرطبي معناه عن ابن عباس في تفسيره الجامع ٨ : ٤٨.
(٢) سورة النساء : ٤ / ٤٧.
(٣) تفسير البيضاوي ٢ : ٢٧٣.