للقول الواحد فى مواضع متعددة وربما صرّح باسم صاحب القول مرّة واغفله مرّة اخرى وفى هذا ما عسى ان يحيّر الناظر فى الكتاب عند النظرة الاولى وقد يجوز ان يعدّ ذلك نقصانا نعم فقد روى عن الامام انه كان اقوى فى المناظرة منه فى التصنيف ، قال ابن عساكر فى كتاب تبيين كذب المفترى فيما نسب الى الامام الاشعرى ما نصّه : «كان الاشعرى تلميذا للجبائى يدرس عليه ويتعلم منه ويأخذ عنه لا يفارقه اربعين سنة وكان صاحب نظر فى المجالس وذا اقدام على الخصوم ولم يكن من اهل التصنيف وكان اذا اخذ القلم يكتب ربما ينقطع وربما يأتى بالكلام غير مرضىّ وكان ابو على الجبائى صاحب تصنيف وقلم اذا صنّف يأتى بكل ما اراد مستقصى واذا حضر المجالس وناظر لم يكن بمرضىّ وكان اذا دهمه الحضور فى المجالس يبعث الاشعرى ويقول له نب عنى» (١) وهذا لا ينتقص به شأن الكتاب فى جانب ما افادنا بكثرة نقل اقوال المذاهب والآراء على وجه الصّحة وبدون وساطة مع قلّة ما نقله غيره إلينا من ذلك الا ترى ان المصنّف قال بعد ان حكى قولا للجُبائى : «قاله لى» فهل تتصوّر رواية لاقوال رئيس فى العلم ضاعت كتبه بعينها اصحّ من رواية تلميذه ولا سيما اذا كان للتلميذ من الفضل فى العلم والصدق فى الحكاية ما للاشعرى ، وبالجملة ستجد فى هذا الكتاب من الاخبار عن اقوال الفرق ما لا تلفيه فى غيره فلعمرى لقد اصبح
__________________
(١) ٣٩. خ ـ ـ خ ،.