(إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ) ـ ٧٧ ـ أقسم بأنه قرآن كريم ، ثم قال فى «حم السجدة» : (... وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ) (١) كرمه الله وأعزه ، فقال هذا القرآن : (فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ) ـ ٧٨ ـ يعنى مستور من خلقه ، عند الله فى اللوح المحفوظ عن يمين العرش (لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) ـ ٧٩ ـ لا يمس ذلك الكتاب إلا المطهرون من الذنوب ، وهم الملائكة السفرة فى سماء الدنيا ، ينظر إليه الرب ـ جل وعز ـ كل يوم ، ثم قال : هذا القرآن (تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ) ـ ٨٠ ـ (أَفَبِهذَا الْحَدِيثِ) يعنى القرآن (أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ) ـ ٨١ ـ يعنى تكفرون ، مثل قوله : «ودوا لو تهدن فيدهنون) (٢) (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ) ـ ٨٢ ـ وذلك أن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ غزا أحياء من العرب فى حر شديد ، ففنى ما كان عند الناس من الماء ، فظمئوا ظمأ شديدا ، ونزلوا على غير ماء ، فقالوا : يا رسول الله ، استسق لنا. قال : فلعل إذا استسقيت فسقيتم «تقولون (٣)» هذا نوء كذا وكذا قالوا : يا رسول الله ، قد ذهب «خبر (٤)» الأنواء ، فتوضأ النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وصلى ثم دعا ربه فهاجت الريح وثارت سحابة فلم يلبثوا حتى غشيهم السحاب ركاما فمطروا مطرا جوادا حتى سالت الأودية فشربوا وسقوا وغسلوا ركابهم وملئوا (٥) أسقيتهم ، فخرج النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فمر على رجل وهو يغرف بقدح من الوادي وهو يقول : هذا نوء كذا
__________________
(١) سورة فصلت : ٤١ تمامها : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ).
(٢) سورة القلم : ٩.
(٣) فى أ : «تقولوا» وفى ف : «يقول» ، وفى ل : «تقولون».
(٤) فى أ : «خبر» ، وفى ف : «جبن».
(٥) فى أ : «وملوما».