بتوحيد الله ـ تعالى ـ يعني مشركي العرب (مَأْواكُمُ النَّارُ) يعني مأوى المنافقين والمشركين النار (هِيَ مَوْلاكُمْ) يعني وليكم (وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) ـ ١٥ ـ وذلك أنه يعطى كل مؤمن كافر فيقال : هذا فداؤك من النار ، فذلك قوله : (لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ) يعني من المنافقين ولا من الذين كفروا ، إنما تؤخذ الفدية من المؤمنين ، قوله : (أَلَمْ يَأْنِ) نزلت فى المنافقين بعد الهجرة «بستة» (١) أشهر وذلك أنهم سألوا سلمان الفارسي ذات يوم فقالوا : حدثنا عما فى التوراة ، فإن فيها العجائب فنزلت : (الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ ، إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ، نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ) (٢).
يخبرهم أن «القرآن أحسن من غيره» (٣) ، يعني أنفع لهم فكفوا عن سؤال سلمان ما شاء الله ، ثم عادوا فسألوا سلمان فقالوا : حدثنا عن التوراة فإن فيها العجائب ، فنزلت : (اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ) يعني القرآن (ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللهِ) (٤) فكفوا عن سؤال سلمان ما شاء الله ، ثم عادوا أيضا فسألوه ، فقالوا : حدثنا عما فى التوراة فإن فيها العجائب فأنزل الله ـ تعالى ـ («أَلَمْ يَأْنِ» لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ) يعني المنافقين يقول : «ألم ينل ويقال
__________________
(١) فى أ : «لسنة».
(٢) سورة يوسف : ١ ـ ٣.
وفى أ ، ذكر أن أول السورة : «الم» ، وصوابه : «الر».
(٣) فى أ : «أحسن من غيره» ، وفى ف : «أحسن حديث من غيره».
(٤) سورة الزمر : ٢٣.
تفسير مقاتل ج ٤ ـ م ١٦