يعلم الغيب أفلا يخبره الذي يأتيه بالغيب بمكان ناقته؟ لعمري ، لقد كذب ، ما أزعم أنى أعلم الغيب ، ولا أعلمه ، ولكن الله ـ تعالى ـ أخبرنى بقوله ، وبمكان ناقتي ، وهي فى الشعب ، وقد تعلق زمامها بشجرة ، فخرجوا من عنده يسعون قبل الشعب ، فإذا هي كما قال النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فجاءوا بها ، والمنافق ينظر ، فصدق مكانه. ثم رجع إلى أصحابه ، فقال : أذكركم الله ، هل قام أحد منكم من مجلسه؟ أو ذكر حديثي هذا إلى أحد؟ قالوا : لا ، قال : أشهد أن محمدا رسول الله ، والله لكأنى لم أسلم إلا يومى هذا ، قالوا : وما ذاك قال وجدت النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يحدث الناس بحديثي الذي ذكرت لكم ، وأنا أشهد «أن الله أطلعه عليه وأنه لصادق» (١) فسار حتى دنا من المدينة «فتحاور (٢)» رجلان أحدهما عامرى والآخر جهنى ، فأعان عبد الله بن أبى المنافق الجهني ، وأعان جعال بن عبد الله بن سعيد العامري. وكان جعال فقيرا ، فقال عبد الله لجعال : وإنك لهناك. فقال : وما يمنعني أن أفعل ذلك فاشتد لسان جعال على عبد الله [١٩٨ ب] ، فقال عبد الله : مثلي ومثلك كما قال الأول سمن كلبك يأكلك ، والذي يحلف به عبد الله لأذرنك ، ولهمك غير هذا. قال جعال : ليس ذلك بيدك ، وإنما الرزق بيد الله ـ تعالى ـ ، فرجع عبد الله غضبان؟ فقال لأصحابه : والله ، لو كنتم تمنعون جعالا ، وأصحاب جعال الطعام الذي من أجله ركبوا رقابكم لأوشكوا أن يذروا محمدا ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ويلحقوا بعشائرهم ومواليهم ، لا تنفقوا عليهم ، (حَتَّى يَنْفَضُّوا) يعنى حتى يتفرقوا من
__________________
(١) من ف ، وفى أ : «أن الله الذي أطلعت عليه لصادق فينا».
(٢) فى أ : «فتحاور» ، وفى ف : «فتجاور».