خرج من قبره نظر أمامه فإذا هو برجل قبيح ، الوجه أزرق العينين أسود الوجه أشد سوادا من القبر فى ليلة مظلمة ، وثيابه سود يجر أنيابه فى الأرض تدهده دهدهة الرعد ، ريحه أنتن من الجيفة ، فيقول : من أنت يا عدو الله؟ ويريد أن يعرض بوجهه عنه ، فيقول : يا عدو الله إلى إلى ، وأنا لك اليوم ، فيقول : ويحك أشيطان أنت؟ فيقول : لا والله ، ولكني عملك. فيقول : ويحك ، ما تريد منى؟ فيقول : أريد أن أركبك. فيقول : أنشدك الله ، مهلا فإنك تفضحني على رءوس الخلائق ، فيقول : والله ما منك بد فطال ما ركبتني فأنا اليوم أركبك. قال فيركبه فذلك قوله : «... وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم ألا ساء ما يزرون» (١) ثم ذكر أولياءه فقال : (وَجَزاهُمْ) بعد البشارة (بِما صَبَرُوا) على البلاء (جَنَّةً وَحَرِيراً) ـ ١٢ ـ فأما الجنة فيتنعمون فيها ، وأما الحرير «فيلبسونه (٢)» (مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ) يعنى على السرر عليها الحجال (لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً) لا يصيبهم حر الشمس (وَلا زَمْهَرِيراً) ـ ١٣ ـ يعنى ولا يصيبهم برد الزمهرير لأنه ليس «فيها (٣)» شتاء ولا صيف ، فأما قوله : (وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها) يعنى ظلال الشجر وذلك أن أهل الجنة يأكلون من الفواكه إن شاءوا نياما ، وإن شاءوا قعودا وإن شاءوا قياما ، إذا أرادوا دنت منهم حتى «يأخذوا (٤)» منها ، ثم تقوم قياما ، فذلك قوله : (وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلاً) ـ ١٤ ـ يعنى أغصانها تذليلا قوله (وَيُطافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوابٍ) فهي الأكواز مدورة الرءوس التي ليس لها عرى ، قال : (كانَتْ قَوارِيرَا) ـ ١٥ ـ
__________________
(١) سورة الأنعام : ٣١
(٢) فى أ : «فيلبسونها»
(٣) الضمير يعود إلى الجنة ، وفى أ : «فيه»
(٤) فى أ : «يأخذون».