من غير برص ، قال : (فَكَذَّبَ وَعَصى) ـ ٢١ ـ وزعم أنه ليس من الله ـ عزوجل ـ «وعصى» فقال : إنه سحر ، «وعصى» أيضا يعنى استعصى عن الإيمان ، قال : (ثُمَّ أَدْبَرَ) عن الحق (يَسْعى) ـ ٢٢ ـ يعنى فى جمع السحرة فهو قوله : «... فَجَمَعَ كَيْدَهُ (١) ...» ثم أتى بهم (فَحَشَرَ فَنادى) ـ ٢٣ ـ يقول حشر القبط (فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى) ـ ٢٤ ـ وذلك أن موسى ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قال لفرعون : لك ملكك فلا يزول ، ولك شبابك فلا تهرم ، ولك الجنة إذا مت ، على أن يقول ربى الله وأنا أعبده. فقال فرعون : إنك لعاجز ، «بينا (٢)» يكون الرجل ربا يعبد حتى يكون له رب ، فقال ـ فرعون ـ : (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى) يقول ليس لي رب فوقى ، فذلك الأعلى (فَأَخَذَهُ اللهُ) بعقوبة قوله : (نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى) ـ ٢٥ ـ وكان بينهما أربعين سنة ، الأولى قوله : «... ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي (٣) ...» ، والآخرة قوله (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى) ثم قال : (إِنَّ فِي ذلِكَ) يقول إن فى هلاك فرعون وقومه (لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى) ـ ٢٦ ـ يعنى لمن يذكر الله ـ تعالى ـ يقول لمن يخشى عقوبة الله ـ تعالى ـ ، مثل ما فعل بآل فرعون فلا يشرك ، يخوف كفار مكة لئلا يكذبوا محمدا ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فيجازيهم مثل ما حل بقوم فرعون من العذاب ، ثم قال : يا معشر العرب ، (أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها) ـ ٢٧ ـ يقول أنتم أشد قوة من السماء [٢٨ أ] لأنه قال :
__________________
(١) سورة طه : ٦٠.
(٢) فى أ : «بين».
(٣) سورة القصص : ٣٨.
تفسير مقاتل بن سليمان ج ٤ ـ م ٣٧.