من عند الله فتقول الملائكة «والناس (١)» والجن والله لقد أكرم الله هذا ، لقد أعطى الله لهذا ، فينظرون إلى كتابه فإذا سيئاته باطن صحيفته ، وإذا حسناته ظاهر كتابه ، فتقول عند ذلك الملائكة ما كان أذنب هذا الآدمي ذنبا قط! والله ، لقد اتقى الله هذا العبد ، فحق أن يكرم مثل هذا العبد ، وهم لا يشعرون أن سيئاته باطن كتابه ، وذلك لمن أراد الله ـ تعالى ـ أن يكرمه ولا يفضحه ، قال فيأتي إخوانه من المسلمين فلا يعرفونه ، فيقول : أتعرفونى؟ فيقولون كلهم : لا ، والله. فيقول : إنما برحت الساعة ، وقد نسيتموني فيقول : أنا أبو سلمة ، أبشروا بمثله يا معشر الإخوان ، لقد حاسبني ربى حسابا يسيرا ، وأكرمنى ، فذلك قوله : («فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً» وَيَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ) يقول إلى قومه (مَسْرُوراً) ـ ٩ ـ ، فيعطى كتابه بيمينه «... فيقول هاؤم اقرءوا كتابية ، إني ظننت أني ملاق حسابيه» (٢) إلى آخر القصة ، ثم ينادى مناد «بالأسود ابن عبد الأسد (٣)» «أخى (٤)» عبد الله المؤمن فيريد الشقي أن يدنو ، فينتهرونه ، ويشق صدره حتى يخرج قلبه من وراء ظهره من بين كتفيه ، «ويعطى (٥)» كتابه ، ويجعل كل حسنة عملها فى دهره فى باطن صحيفته ، لأنه لم يؤمن بالإيمان ، وتجعل سيئاته ظاهر صحيفته ، ويحجب عن الله ـ عزوجل ـ فلا يراه ، ولكن ينادى مناد من عند العرش يذكره مساوئه ، فكلما ذكر مساوئه
__________________
(١) فى أ ، ف : «الناس» ، أقول قال ـ تعالى ـ : (مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ) سورة الناس : ٦.
(٢) سورة الحاقة : ١٩ ـ ٢٠.
(٣) فى أ : «بالأسود بن عبد الأسود» ، وفى ف : «بالأسود بن عبد الله بن الأسد».
(٤) فى أ : «أخو» ، وفى ف : «أخى».
(٥) فى أ : «فيعطيه».