كما يغلى الحميم من شدة الحر حتى يذوب كما يذوب الرصاص إذا أصابه النار ، «فيدعو (١)» الشقي بالويل ، فذلك قوله : (تُسْقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ) ، ثم أخبر عن طعام الشقي ، فقال : (لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ) ـ ٦ ـ وهي شجرة تكون بمكة كثيرة الشوك لا تقربها دابة فى الأرض من شوكها ، ولا يستطيع أحد أن يمسها من كثرة شوكها ، وتسميها قريش وهي رطبة فى الربيع «الشبرق (٢)» وتصيب الإبل من ورقها فى الربيع ما دامت رطبة ، فإذا يبست لم تقربها الإبل ، وما من دابة فى الأرض من الهوام والسباع وما يؤذى بنى آدم إلا مثلها فى النار سلطها الله ـ عزوجل ـ على أهلها ، لكنها من نار وما خلق الله شيئا فى النار إلا من النار ، ثم قال : (لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ) ـ ٧ ـ «فإنهم لا يطعمون من أجل الجوع ، وإنما من أجل العذاب (٣)». ثم ذكر أولياء من أهل طاعته ، فقال : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ) ـ ٨ ـ يعنى فرحة شبه الله ـ عزوجل ـ وجوههم بوجوه قوم فرحين ، إذا أصابوا الشراب طابت أنفسهم ، فاجتمع الدم فى وجوههم ، فاجتمع فرح القلوب وفرح الشراب ، فهو ضاحك الوجه «مبتسم (٤)» طيب النفس ، ثم قال : (لِسَعْيِها راضِيَةٌ) ـ ٩ ـ يعنى قد رضى الله ـ عمله فأثابه الله ـ عزوجل ـ ذلك بعمله ، قال : (فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ) ـ ١٠ ـ وإنما سماها عالية لأن جهنم أسفل منها وهي دركات ، والجنة درجات ، ثم قال : «لا تَسْمَعُ (٥)» (فِيها لاغِيَةً) ـ ١١ ـ يقول لا يسمع
__________________
(١) فى أ : «فيشربه» ، وفى ف ، ل : «فيدعو».
(٢) فى أ : «اليسبر» ، وفى ف : «الشبرق».
(٣) فى أ ، ف ، ل : «فإنهم ليس يطعمون من الجوع ، إلا من أجل العذاب أن يعذبون» وبها أخطاء كما ترى.
(٤) فى أ : «مبتسما».
(٥) فى أ : «لا يسمع» ، وقراءة حفص (لا تسمع)