ابن الطفيل على حرام فطعنه فقتله ، وقتل بقيتهم غير المنذر بن عمرو ، فإنه كان دارعا [١٦٤ أ] مقنعا وعروة بن أسماء السلمى ، فقتل المنذر بعد ذلك فقالوا لعروة : لو شئنا لقتلناك ، فأنت آمن فإن شئت فارجع إلينا ، وإن شئت فاذهب إلى غيرنا ، فأنت آمن. قال عروة : إنى عاهدت رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ألا أضع يدي فى يد مشرك ولا أتخذه وليا. وجعل يحمل عليهم ، ويضربونه بعرض رماحهم ويناشدونه ، ويأبى عليهم فرموه بالنبل حتى قتلوه ، وأتى جبريل النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فأخبره بحالهم ، فنعاهم النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لأصحابه وقال : أرسل إخوانكم يقرءونكم السلام فاستغفروا لهم. ووجد الأربعة بعيرهم حين أصبحوا ، فساروا فلما دنوا من ماء بنى عامر لقيتهم وليدة لبنى عامر فقالت : أمن أصحاب محمد أنتم؟ فقالوا : نعم ، رجاء أن تسلم ، فقالت : إن إخوانكم قد قتلوا حول الماء ، النجاء النجاء. ألا ترون إلى النسور والعقبان قد تعلقن بلحومهم. فقال بشير الأنصارى : دونكم بعيركم أنظر لكم. فسار نحوهم فرأى إخوانهم مقتلين كأمثال البدن حول الماء فرجع إلى أصحابه فأخبرهم وقال لهم : ما ترون؟ قالوا : نرجع إلى النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فنخبره الخبر. فقال بشير : لكني لا أرجع والله ، حتى أتغدى من غداء القوم. فاقرءوا على النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ منى السلام ورحمة الله ، ثم أتاهم فحمل عليهم ، فناشدوه أن ارجع فأبى وحمل عليهم ، فقتل منهم ثم قتل بعد ، فرجع الثلاثة يسلون بعيرهم سلا (١). فأتوا المدينة عند جنوح الليل ، فلقوا رجلين من بنى سليم جائين من عند رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ
__________________
(١) المعنى : يسيرون فى خفية خوف العدو قال ـ تعالى ـ : (... قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِواذاً ...) سورة النور : ٦٣ ، أى يخرجون خفية خشية أن يراهم النبي.