وفي الصفة الحادية عشر والثانية عشر تقول الآية : (وَهُوَ الْعَلِىُّ الْعَظِيمُ).
وعلى هذا أنّ العرش حكومة الله وقدرته يهيمن على السموات والأرض جميعاً وأنّ كرسىّ علمه يحيط بكل هذه العوالم ، وما من شيء يخرج عن نطاق حكمه ونفوذ علمه. أي أنّ الله الذي هو أرفع وأعلى من كل شبيه وشريك ، ومنزه عن كل نقص وعيب ، وهو العظيم اللّامحدود ، لا يصعب عليه أي عمل ولا يتعبه حفظ عالم الوجود وتدبيره ، ولا يغفل عنه أبداً ، وعلمه محيط بكل شيء.
بل يستفاد من بعض الروايات أنّ الكرسي أوسع بكثير من السماوات والأرض. فقد جاء في تفسير مجمع البيان عن الإمام الصادق عليهالسلام قوله : «ما السماوات والأرض عند الكرسي إلّا كحلقة خاتم في فلاة ، وما الكرسي عند العرش إلّاكحلقة في فلاة».
لم يتوصّل العلم البشري بَعد لمعرفته وكشف الستار عن هذا المعنى.
إنّ جميع الروايات التي اوردت فضيلة آية الكرسي وعبّرت عنها بآية الكرسي تدلّ على أنّها آية واحدة لا أكثر.
(لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (٢٥٦)
سبب النّزول
في تفسير مجمع البيان : نزلت في رجل من الأنصار يدعى أبا الحصين. وكان له ابنان ، فقدم تجّار الشام إلى المدينة ، يحملون الزيت. فلمّا أرادوا الرجوع من المدينة أتاهم ابنا أبي الحصين ، فدعوهما إلى النصرانية ، فتنصّرا ومضيا إلى الشام. فأخبر أبو الحصين رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فأنزل الله تعالى (لَاإِكْرَاهَ فِى الدّينِ).
التّفسير
إنّ آية الكرسي هي مجموعة من توحيد الله تعالى وصفاته الجمالية والجلالية التي تشكّل أساس الدين ، وبما أنّها قابلة للأستدلال العقلي في جميع المراحل وليست هناك حاجة للإجبار والإكراه تقول هذه الآية : (لَاإِكْرَاهَ فِى الدّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَىّ).
«الرشد» : لغوياً تعني الهداية للوصول إلى الحقيقة ، بعكس (الغيّ) التي تعني الانحراف عن الحقيقة والإبتعاد عن الواقع.