والمعرفة والعلم لأنّ الحكمة فقط هي التي يمكنها التفريق والتمييز بين هذين الدافعين الرحماني والشيطاني وتدعوا الإنسان إلى ساحل المغفرة والرحمة الإلهية وترك الوساوس الشيطانية وعدم الإعتناء بالتخويف من الفقر. فتقول الآية : (يُؤْتِى الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ).
وقد ذكر لكلمة «الحكمة» معان كثيرة منها (المعرفة والعلم بأسرار العالم) ومنها (العلم بحقائق القرآن) و (الوصول إلى الحق بالقول والعمل) و (معرفة الله تعالى) و (أنّها النور الإلهي الذي يميّز بين وساوس الشيطان وإلهامات الرحمان).
والظاهر هو أنّ الحكمة تأتي بالمعنى الواسع حيث تشمل جميع هذه الامور بما فيها النبوّة التي هي نوع من العلم والإطلاع والإدراك.
(وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِىَ خَيْرًا كَثِيرًا).
رغم أنّ واهب الحكمة هو الله فإنّ اسمه لم يرد في هذه الآية وإنّما بني الفعل للمجهول (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ).
(وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبَابِ).
«التذكّر» : هو حفظ العلوم والمعارف في داخل الروح ، والألباب جمع لب وهو قلب كل شيء ومركزه ، ولهذا قيل العقل اللّب.
تقول هذه الفقرة من الآية إنّ أصحاب العقول هم الذين يحفظون هذه الحقائق ويتذكرونها ، رغم أنّ جميع الناس ذو عقل ـ عدا المجانين ـ فلا يوصفون جميعاً باولي الألباب ، بل هؤلاء هم الذين يستخدمون عقولهم فيشقّون طريقهم على ضوء نورها الساطع.
(وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (٢٧٠) إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) (٢٧١)
تحدثت الآيات السابقة عن الإنفاق وبذل المال في سبيل الله ، وأن ينفق الشخص ذلك المال من الطيّب دون الخبيث ، وأن يكون مشفوعاً بالمحبة والإخلاص وحسن الخلق ، أمّا في