فَلْيُؤَدّ الَّذِى اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ).
٤ ـ على الذين لهم علم بما للآخرين من حقوق في المعاملات أو في غيرها ، إذا دعوا للإدلاء بشهادتهم أن لا يكتموها لأنّ كتمان الشهادة من الذنوب الكبيرة (وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُءَاثِمٌ قَلْبُهُ).
طبيعي أنّ الشهادة تجب علينا إذا لم يستطع الآخرون إثبات الحق بشهادتهم ، أمّا إذا ثبت الحق فيسقط وجوب الإدلاء بالشهادة عن الآخرين ، أي أنّ أداء الشهادة واجب كفائي.
وبما أنّ كتمان الشهادة والإمتناع عن الإدلاء بها يكون من أعمال القلب ، فقد نسب هذا الإثم إلى القلب ، فقال : (فَإِنَّهُءَاثِمٌ قَلْبُهُ) ومرّة اخرى يؤكد في ختام الآية ضرورة ملاحظة الأمانة وحقوق الآخرين : (وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ).
(لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٢٨٤)
هذه تكملة للجملة الأخيرة في الآية السابقة وتقول : (لِلَّهِ مَا فِى السَّموَاتِ وَمَا فِى الْأَرْضِ). ولهذا السبب فهو يعلم جميع أفعال الإنسان الظاهرية منها والباطنية (وَإِن تُبْدُوا مَا فِى أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللهُ).
يعني لا ينبغي لكم أن تتصوروا أنّ أعمالكم الباطنية مثل كتمان الشهادة والذنوب القلبية الاخرى سوف تخفى على الله تعالى الحاكم على الكون بأجمعه والمالك للسموات والأرض ، فإنّه لا يخفى عليه شيء ، فلا عجب إذا قيل أنّ الله تعالى يحاسبكم على ذنوبكم القلبية ويجازيكم عليها : (فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذّبُ مَن يَشَاءُ).
في ختام الآية تقول : (وَاللهُ عَلَى كُلّ شَىْءٍ قَدِيرٌ). فهو عالم بكل شيء يجري في هذا العالم ، وقادر أيضاً على تشخيص اللّياقات والملكات ، وقادر أيضاً على مجازات المتخلفين.
(آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) (٢٨٥)