بحثان
١ ـ ما هي الهداية؟ كلمة «الهداية» لها عدّة معاني في القرآن الكريم ، وكلها تعود أساساً إلى معنيين :
أ) الهداية التكوينية : وهي قيادة ربّ العالمين لموجودات الكون ، وتتجلى هذه الهداية في نظام الخليقة والقوانين الطبيعية المتحكمة في الوجود.
ب) الهداية التشريعية : وهي التي تتم عن طريق الأنبياء والكتب السماوية ، وعن طريقها يرتفع الإنسان في مدارج الكمال.
٢ ـ لماذا اختصت هداية القرآن بالمتقين؟ واضح أنّ القرآن هداية للبشرية جمعاء ، فلماذا خصّت الآية الكريمة المتقين بهذه الهداية؟
السبب هو أنّ الإنسان لا يتقبل هداية الكتب السماوية ودعوة الأنبياء ، ما لم يصل إلى مرحلة معينة من التقوى (مرحلة التسليم أمام الحق وقبول ما ينطبق مع العقل والفطرة).
الأرض السبخة لا تثمر وإن هطل عليها المطر آلاف المرات ، وساحة الوجود الإنساني لا تتقبل بذر الهداية ما لم يتم تطهيرها من اللجاج والتعصب والعناد ، ولذلك قال سبحانه في كتابه العزيز أنّه : (هُدًى لِلْمُتَّقِينَ).
الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (٣) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (٤) أُولئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٥)
آثار التقوى في روح الإنسان وبدنه : في بداية هذه السورة قسم القرآن الناس حسب إرتباطهم بخط الإسلام على ثلاثة أقسام :
١ ـ المتقون : وهم الذين تقبلوا الإسلام في جميع أبعاده.
٢ ـ الكافرون : ويقعون في النقطة المقابلة للمتقين ، ويعترفون بكفرهم ، ولا يأبون أن يظهروا عداءهم للإسلام في القول والعمل.
٣ ـ المنافقون : ولهم وجهان ، فهم مسلمون ظاهراً أمام المسلمين ، وكفار أمام أعداء الدين ، وشخصيتهم الأصلية هي الكفر طبعاً وإن تظاهروا بالإسلام.