والثالث أنّ الآية تقول : (وَمَا لَهُمْ مِّن نَّاصِرِينَ) فلا أحد يحميهم من العقوبات الإلهيّة التي تنتظرهم ولا أحد يشفع لهم في ذلك اليوم.
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ (٢٣) ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (٢٤) فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) (٢٥)
سبب النّزول
في تفسير مجمع البيان عن ابن عباس أنّ رجلاً وامرأة من أهل خيبر زنيا وكانا ذوي شرف فيهم ، وكان في كتابهم الرجم ، فكرهوا رجمهما لشرفهما ، ورجوا أن يكون عند رسول الله رخصة في أمرهما ، فعرفوا أمرهما إلى رسول الله ، فحكم عليهما بالرجم ، فقال له النعمان بن أوفى ، وبحرّي بن عمرو : جُرْتَ عليهما يا محمّد ، ليس عليهما الرجم فقال لهم رسول الله صلىاللهعليهوآله : «بيني وبينكم التوراة». قالوا : أنصفتنا. قال : «فمن أعلمكم بالتوراة»؟ قالوا : رجل أعور يسكن فدك يقال له ابن صوريا. فأرسلوا إليه فقدم المدينة ، وكان جبرائيل قد وصفه لرسول الله ، فقال له رسول الله : «أنت ابن صوريا»؟ قال : نعم. قال : «أنت أعلم اليهود»؟ قال : كذلك يزعمون. قال : فدعا رسول الله بشيء من التوراة فيها الرجم مكتوب ، فقال له : «إقرأ». فلما أتى على آية الرجم ، وضع كفه عليها وقرأ ما بعدها. فقال ابن سلام : يا رسول الله! قد جاوزها. وقام إلى ابن صوريا ، ورفع كفه عنها ، ثم قرأ على رسول الله صلىاللهعليهوآله وعلى اليهود ، بأنّ المحصن والمحصنة إذا زنيا ، وقامت عليهما البيّنة رجما ، وإن كانت المرأة حبلى ، انتظر بها حتى تضع ما في بطنها. فأمر رسول الله صلىاللهعليهوآله باليهودين فرجما. فغضب اليهود لذلك. فأنزل الله تعالى هذه الآية (١).
__________________
(١) في التوراة الموجودة حاليّاً ، في سفر اللاويّين في الفصل العشرين ، الجملة العاشرة ، نقرأ ما يلي : «إذا زنا ـ