مثل هذا الإنسان يشعر أنّه أسمى من جميع المخلوقات الاخرى ، إذ أنّه منح لياقة الحديث مع ربّ العالمين ، وهذا الإحساس الوجداني أكبر عامل في تربية الموجود البشري.
٣ ـ الإرتباط بالناس : المتقون ـ إضافة إلى إرتباطهم الدائم بالخالق ـ لهم إرتباط وثيق ومستمر بالمخلوقين ، ومن هنا كانت الصفة الثالثة التي يبيّنها لهم القرآن أنّهم (وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ).
يلاحظ أنّ القرآن لا يقول : ومن أموالهم ينفقون ، بل يقول : (وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ) وبذلك وسّع نطاق الإنفاق ليشمل المواهب المادية والمعنوية.
فالمتقون لا ينفقون أموالهم فحسب ، بل ينفقون من علمهم ومواهبهم العقلية وطاقاتهم الجسميّة ومكانتهم الاجتماعية ، وبعبارة اخرى ينفقون من جميع إمكاناتهم لمن له حاجة إلى ذلك دون توقع الجزاء منه.
٤ ـ الإيمان بالأنبياء عليهمالسلام : الخاصة الرابعة للمتقين الإيمان بجميع الأنبياء وبرسالاتهم الإلهيّة ، (وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ). وفي هذا التعبير القرآني إشارة إلى أنّ المتقين يؤمنون بأنّ الأديان الإلهيّة ليست وسيلة للتفرقة والنفاق ، بل على العكس وسيلة للإرتباط وعامل للشدّ بين أبناء البشر.
٥ ـ الإيمان بيوم القيامة : آخر صفة في هذه السلسلة من الصفات التي قررها القرآن للمتقين : (وَبِالْأَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ).
إنّهم يوقنون بأنّ الإنسان لم يخلق هملاً وعبثاً. فالخليقة عيّنت للكائن البشري مسيرة تكاملية لا تنتهي إطلاقاً بموته.
المتقون يقرّون بأنّ عدالة الله المطلقة تنتظر الجميع ، ولا شيء من أعمال البشر في هذه الدنيا يبقى بدون جزاء.
الإيمان بيوم القيامة له أثر عميق في تربية الإنسان ، يهبه الشجاعة والشهامة ، لأنّ أسمى وسام يتقلده الإنسان في هذا العالم هو وسام «الشهادة» على طريق هدف مقدس إلهي ، والشهادة أحبّ شيء للإنسان المؤمن ، وبداية لسعادته الأبدية.
الإيمان بيوم القيامة يصون الإنسان من ارتكاب الذنوب. فكلما قوي الإيمان قلت الذنوب.
آخر آية في هذا البحث تشير إلى النتيجة التي يتلقاها المؤمنون المتصفون بالصفات