الخمس المذكورة. تقول : (أُوْلئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
وقد ضمن ربّ العالمين لهؤلاء هدايتهم وفلاحهم.
واستعمال حرف (على) في عبارة (عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ) يوحي بأنّ الهداية الإلهيّة مثل سفينة يركبها هؤلاء المتّقون لتوصلهم إلى السعادة والفلاح.
واستعمال كلمة «هدًى» في حالة نكرة يشير إلى عظمة الهداية التي شملهم الله بها.
وجملة (هُمُ الْمُفْلِحُونَ) يفيد الإنحصار كما يذكر علماء البلاغة ، أي إنّ الطريق الوحيد للفلاح هو طريق هؤلاء المفلحين.
ما هي حقيقة التقوى؟ التقوى من الوقاية ، أي الحفظ والصيانة ، وهي بعبارة اخرى جهاز الكبح الداخلي الذي يصون الإنسان أمام طغيان الشهوات.
إنّ حالة التقوى والضبط المعنوي من أوضح آثار الإيمان بالله واليوم الآخر ، ومعيار فضيلة الإنسان وافتخاره ، ومقياس شخصيته في الإسلام ، حتى أضحت الآية الكريمة : (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَيكُمْ) (١) شعاراً إسلامياً خالداً.
جدير بالذكر أنّ التقوى ذات شعب وفروع ، منها التقوى المالية والاقتصادية ، والتقوى الاجتماعية والسياسية والتقوى الجنسية ....
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٦) خَتَمَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٧)
المجموعة الثانية : الكفار المعاندون : هذه المجموعة تقف في النقطة المقابلة تماماً للمتقين ، والآيتان المذكورتان بيّنتا باختصار صفات هؤلاء. الآية الاولى تقول : إنّ الإنذار لا يجدي نفعاً مع هؤلاء ، فهم متعنّتون في كفرهم (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْءَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ). بعكس الطائفة الاولى المستعدّة لقبول الحق لدى أوّل ومضة.
هذه المجموعة غارقة في ضلالها وترفض الإنصياع للحق حتى لو اتضح لديها ، لأنّهم يفتقدون الأرضية اللازمة لقبول الحق والاستسلام له.
الآية الثانية تشير إلى سبب هذا اللجاج والتعصب وتقول : (خَتَمَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى
__________________
(١) سورة الحجرات / ١٣.