من الرزق الإلهى ، أمّا هنا فالآية تشير إلى جميع النِعم على وجه العموم ، أي أنّ العزة والحكم والحياة والموت ليست هي وحدها بيد الله بل بيده كل أنواع الرزق والنعم أيضاً.
وتعبير (بِغَيْرِ حِسَابٍ) يشير إلى أنّ بحر النعم الإلهية من السعة والكبر بحيث إنّه مهما اعطى منه فلن ينقص منه شيء ولا حاجة به لضبط الحسابات.
(لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ) (٢٨)
ذكرت الآيات السابقة أنّ العزة والذلة وجميع الخيرات بيد الله تعالى. وبهذه المناسبة فإنّ هذه الآية تحذّر المؤمنين من مصادقة الكافرين وتنهاهم بشدة من موالاة الكفار ، لأنّه إذا كانت هذه الصداقة والولاء من أجل العزة والقدرة والثروة ، فإنّها جميعاً بيد الله عزوجل ولذلك تقول الآية : (لَّايَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ). ولو إرتكب أحد المؤمنين ذلك فإنّه يقطع إرتباطه مع الله تماماً : «وَمَن يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِى شَىْءٍ». وقد نزلت هذه الآية في وقت كانت هناك روابط بين المسلمين والمشركين مع اليهود والنصارى.
وهذه الآية درس سياسي واجتماعي مهم للمسلمين فتحذّرهم من إتّخاذ الأجنبي صديقاً أو حامياً أو عوناً ورفيقاً في أيّ عمل من أعمالهم ومن الإنخداع بكلامه المعسول وعروضه الجذّابة وتظاهره بالمحبة الحميمة ، لأنّ التاريخ قد أثبت بأنّ أقسى الضربات التي تلقّاها المؤمنون جاءت من هذا الطريق.
قوله تعالى (مِنْ دُونِ الْمُؤمِنِينَ) إشارة إلى أنّ الناس في حياتهم الاجتماعية لابد لهم من إتّخاذ الأولياء والأصدقاء فعلى المؤمنين أن يختاروا أولياءهم من بين المؤمنين لا من بين الكافرين.
(فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِى شَىْءٍ).
تقول الآية : إنّ الذين يعقدون أواصر صداقتهم وولاءهم مع أعداء الله ، ليسوا من الله في أيّ شيء من الأشياء ، أي إنّهم يكونون قد تخلّوا عن إطاعة أوامر الله وقطعوا علاقتهم