ويستبشرون ، والذين يشاهدون أعمالهم السى ئة يستولي عليهم الرعب ويتمنّون لو أنّهم استطاعوا أن يبتعدوا عنها : «تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا». فالآية لم تقل أنّه يتمنّى فناء عمله وسيئاته ، لأنّه يعلم أنّ كل شيء في العالم لا يفنى فلذلك يتمنّى أن يبتعد عنه كثيراً.
(وَيُحَذّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَاللهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ).
في الجزء الأوّل من هذه العبارة يحذّر الله الناس من عصيان أوامره وفي الجزء الثاني يذكّرهم برأفته ، ويبدو أنّ هذين الجزءين هما ـ على عادة القرآن ـ مزيج من الوعد والوعيد.
(قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣١) قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ) (٣٢)
سبب النّزول
في تفسير المنار : قيل : أنّ الآية نزلت كالجواب لقوم ادّعوا أمام الرسول صلىاللهعليهوآله إنّهم يحبّون ربّهم.
وفي تفسير مجمع البيان : نزلت الآيتان في وفد نجران من النصارى لمّا قالوا : إنّا نعظّم المسيح حبّاً لله.
التّفسير
تقول الآية الاولى إنّ الحبّ ليس بالعلاقة القلبية فحسب ، بل يجب أن تظهر آثاره في عمل الإنسان ، إنّ من يدّعي حبّ الله ، فعليه أوّلاً اتّباع رسوله : (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِى).
في الواقع أنّ من آثار الحب الطبيعية إنجذاب المحب نحو المحبوب والاستجابة له.
هذه الآية لا تقتصر في ردّها على مسيحيي نجران والذين ادّعوا حبّ الله على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله بل هذا الرد أصيل وعام في منطق الإسلام موجّه إلى جميع العصور والقرون ، إنّ الذين لا يفتأون ـ ليلَ نهار ـ يتحدّثون عن حبّهم لله ولأئمة الإسلام وللمجاهدين في سبيل الله وللصالحين والأخيار ، ولكنهم لا يشبهون اولئك في العمل ، هم كاذبون.
(يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ). إذا كنتم تحبّون الله ، وبدت آثار ذلك في أعمالكم وحياتكم ، فإنّ الله سيحبّكم أيضاً ، وسوف تظهر آثار حبّه أنّه سيغفر لكم ذنوبكم ، ويشملكم برحمته.