الآية الاولى والثانية تتابعان الخطاب للسيد المسيح وحال أتباعه وأعدائه بينما الآية الثالثة خاطب نبي الخاتم صلىاللهعليهوآله.
وبعد ذكر رجوع الناس إلى الله ومحاكمتهم ـ في الآية السابقة ـ يأتي في هذه الآية ذكر نتيجة تلك المحاكمة ، فالكافرون والمعارضون للحق والعدالة سيُلاقون في الآخرة من العذاب الأليم مثل ما يُلاقون في الدنيا ولن يكون لأيّ منهم حامٍ ولا نصير : (فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِى الدُّنْيَا وَالْأَخِرَةِ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ).
ومن الإشارة في هذه الآية إلى عذاب الدنيا نفهم أنّ الكافرين ـ وهم هنا اليهود ـ لا ينجون من العذاب ، وهذا ما يؤكده تاريخ اليهود ، ومن ذلك تفوّق الآخرين عليهم كما جاء في الآيات السابقة.
ثم أشار القرآن الكريم إلى الفئة الثانية وقال : (وَأَمَّا الَّذِينَءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفّيهِمْ أُجُورَهُمْ). ثم يؤكد القول : (وَاللهُ لَايُحِبُّ الظَّالِمِينَ).
ومن الواضح أنّ الله لا يحبّ الظالمين ولا يقدم على ظلم عباده بل يوفيهم اجورهم بالكامل.
وبعد ذكر تاريخ المسيح وبعض ما جرى له ، يتّجه الخطاب إلى رسول الأعظم صلىاللهعليهوآله فيقول : كل هذا الذي سردناه عليك دلائل صدق لدعوتك ورسالتك وكان تذكيراً حكيماً جاء بصورة آيات قرآنية نزلت عليك ، تبين الحقائق في بيان محكم وخالٍ من كل هزل وباطل وخرافة. (ذلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْأَيَاتِ وَالذّكْرِ الْحَكِيمِ).
(إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٥٩) الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (٦٠) فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ) (٦١)
سبب النّزول
في تفسير مجمع البيان : قيل : نزلت الآيات في وفد نجران : العاقب والسيد ومن معهما ، قالوا لرسول الله صلىاللهعليهوآله : هل رأيت ولداً من غير ذكر؟ فنزل : (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللهِ كَمَثَلِءَادَمَ).