الآيات. فقرأها عليهم ، فلما دعاهم رسول الله إلى المباهلة (١) استنظروه إلى صبيحة غد من يومهم ذلك ...
فلمّا كان الغد جاء النبي صلىاللهعليهوآله آخذاً بيد علي بن أبي طالب والحسن والحسين عليهمالسلام بين يديه يمشيان وفاطمة عليهاالسلام تمشي خلفه وخرج النصارى يقدمهم أسقفهم ...
روي أنّ الأسقف قال لهم : إنّي لأرى وجوهاً لو سألوا الله أن يزيل جبلاً من مكانه لأزاله ، فلا تبتهلوا فتهلكوا ولا يبقى على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة.
التّفسير
الآية الاولى تورد استدلالاً قصيراً وواضحاً في الرد على مسيحيي نجران بشأن ألوهية المسيح : إنّ ولادة المسيح من غير أب لا يمكن أن تكون دليلاً على أنّه ابن الله أو أنّه الله بعينه ، لأنّ هذه الولادة قد جرت لآدم بصورة أعجب فهو قد ولد من غير أب ولا ام ، وعليه ، فكما أنّ خلق آدم من تراب لا يستدعي التعجب ، لأنّ الله قادر على كل شيء ، ولأنّ «فعله» و «إرادته» متناسقان فإذا أراد شيئاً يقول له : كن فيكون ، كذلك ولادة عيسى من ام وبغير أب ، ليست مستحيلة (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللهِ كَمَثَلِءَادَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ).
(الْحَقُّ مِن رَّبّكَ فَلَا تَكُنْ مِّنَ الْمُمْتَرِينَ). هذه الآية تؤكد الموضوع وتقول : إنّ ما أنزلنا عليك بشأن المسيح أمر حقيقي من الله ولا يعتوره الشك ، فلا تتردّد في قبوله.
بعد الآيات التي استدلّ فيها على بطلان القول بالوهية عيسى بن مريم ، يأمر الله نبيّه بالمباهلة إذا جاءه من يجادله من بعد ما جاء من العلم والمعرفة ، وأمره أن يقول لهم : إنّي سأدعو أبنائي ، وأنتم ادعوا أبناءكم ، وأدعو نسائي ، وأنتم ادعوا نساءكم ، وأدعو نفسي ، وتدعون أنتم أنفسكم ، وعندئذ ندعو الله أن ينزل لعنته على الكاذب منّا : (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ).
(إِنَّ هذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلهٍ إِلَّا اللهُ وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٦٢) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ) (٦٣)
__________________
(١) بمعنى الملاعنة بين الشخصين ، ولذا يجتمع أفراد للحوار حول مسألة دينية مهمّة في مكان واحدويتضرعون الله أن يفضح الكاذب ويعاقبه.