الإسلام ـ يتمنون الموت في أحاديثهم ومجالسهم ويقولون : ليتنا نلنا الشهادة في «بدر» ، ومن الطبيعي أن يكون بعض تلك الجماعة صادقين في تمنيهم والبعض الآخرون كاذبين يتظاهرون بهذه الأمنية ، أو يجهلون حقيقة أنفسهم ، ولكن لم يلبث هذا الوضع طويلاً ، فسرعان ما وقعت معركة احد الرهيبة المؤلمة ، فقاتل المجاهدون الصادقون بشهامة وبسالة وصدق وكرعوا كؤوس الشهادة ، وحققوا أمانيهم ، ولكن الذين كانوا يتمنونها كذباً وتظاهراً ما إن رأوا علائم الهزيمة التي لحقت بالجيش الإسلامي في تلك الواقعة حتى فروا خوفاً وجبناً ، وضناً بنفوسهم وأرواحهم ، تاركين الساحة للعدو الغاشم ، فنزلت هذه الآية توبّخهم وتعاتبهم إذ تقول : (وَلَقَدْ كُنتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِن قَبْلِ أَن تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ). فلماذا فررتم وهربتم من الشيء الذي كنتم تتمنونه طويلاً وكيف يفر المرء من محبوبه ، وهو يراه وينظر إليه؟
(وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ (١٤٤) وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ كِتَاباً مُؤَجَّلاً وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ) (١٤٥)
سبب النّزول
في تفسير مجمع البيان : قال أهل التفسير : سبب نزول هذه الآية أنّه لما ارجف بأنّ النبي صلىاللهعليهوآله قد قتل يوم احد واشيع ذلك ، قال اناس : لو كان نبياً لما قتل. وقال آخرون : نقاتل على ما قاتل عليه ، حتى نلحق به وارتد بعضهم وانهزم بعضهم. وكان سبب انهزامهم وتضعضعهم ، إخلال الرماة لمكانهم من الشعب. وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله نهاهم عن الإخلال به وأمّر عبد الله بن جبير وهو أخو خوّات بن جبير ، على الرماة وهم خمسون رجلاً وقال : «لا تبرحوا مكانكم ، فإنّا لا نزال غالبين ما ثبتم بمكانكم».
التّفسير
لا لعبادة الشخصية وتقديس الفرد : تعلّم الآية الاولى من هاتين الآيتين حقيقة اخرى للمسلمين استلهاماً من أحداث معركة «احد» إذ تقول : (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن