إنّ هذا العذاب الأليم الذي تذوقونه ليس سوى نتيجة أعمالكم ، فأنتم ـ أنفسكم ـ قد ظلمتم أنفسكم (ذلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ).
ولقد نقل عن الإمام علي عليهالسلام في نهج البلاغة أنّه قال : «وأيم الله ما كان قوم قط في غض نعمة من عيش فزال عنهم إلّابذنوب اجترحوها لأنّ الله ليس بظلّام للعبيد».
(الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَنْ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (١٨٣) فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ) (١٨٤)
سبب النّزول
في تفسير مجمع البيان : نزلت الآية في جماعة من اليهود قالوا : يا محمّد إنّ الله عهد إلينا في التوراة أن لا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار ، فإن زعمت أنّ الله بعثك إلينا فجئنا به نصدقك. فأنزل الله تعالى هذه الآية.
التّفسير
مغالطات اليهود وتعللاتهم : كانت اليهود تتحجج وتجادل كثيراً بهدف التملّص من الإنضواء تحت راية الإسلام. ومن مغالطاتهم ما جاء ذكره في هذه الآية الحاضرة التي تقول : (الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ).
يقول القرآن في مقام الردّ عليهم : (قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِى بِالْبَيّنَاتِ وَبِالَّذِى قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ). وفي ذلك إشارة إلى زكريا ويحيى وطائفة من الأنبياء الذين قتلوا على أيدي بني اسرائيل.
ثم يعقب سبحانه على الآية السابقة بقوله : (فَإِن كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذّبَ رُسُلٌ مّن قَبْلِكَ).
وفي هذه الآية يسلي الله سبحانه النبي صلىاللهعليهوآله ويقول : إن كذبتك هذه الجماعة فلا تقلق لذلك ولا تحزن ، فذلك هو دأبهم مع أنبياء سبقوك حيث كذبوهم ، وعارضوا دعوتهم بصلابة وعناد.