(الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) (٢٧)
الخاسرون الحقيقيون : هذه الآية الكريمة توضح مواصفات الفاسقين بعد أن تحدثت الآية السابقة عن ضلال هذه الفئة ، وتذكر لهم ثلاث صفات :
١ ـ إنّهم (يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ).
هؤلاء لهم مع الله عهود ومواثيق ، مثل عهد التوحيد ، وعهد الرّبوبية ، وعهد عدم اتّباع الشيطان وهوى النفس. لكنهم نقضوا كل هذه العهود ، وتمرّدوا على أوامر الله ، واتّبعوا أهواءهم وما أراده الشيطان لهم.
طبيعة هذا العهد : ل موهبة يمنحها الله للإنسان يصحبها عهد طبيعي بين الله والإنسان ، موهبة العين يصحبها عهد يفرض على الإنسان أى يرى الحقائق ، وموهبة الاذن تنطوي على عهد مدوّن في ذات الخلقة يفرض الاستماع إلى نداء الحق ... وبهذا يكون الإنسان قد نقض العهد متى ما غفل عن استثمار القوى الفطرية المودعة في نفسه ، أو استخدم الطاقات الموهوبة له في مسير منحرف.
الفاسقون : ينقضون بعض هذه العهود الفطرية الإلهيّة ، أو جميعها.
٢ ـ الصفة الاخرى لهؤلاء الفاسقين هي أنّهم : (يَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَن يُوصَلَ).
الآية تتحدث عن قطع الفاسقين لِكلّ إرتباط أمر الله به أن يوصل ، بما في ذلك رابطة الرحم ، رابطة الصداقة ، والروابط الاجتماعية ، والرابطة بهداة البشرية إلى الله ، والإرتباط بالله.
٣ ـ علامة الفاسقين الثالثة هي الفساد : (وَيُفْسِدُونَ فِى الْأَرْضِ).
وتؤكد الآية في الخاتمة أنّ (أُولئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ).
وأيّ خسران أكبر من تبديد كل القوى المادية والمعنوية المودعة في الإنسان الرّاميّة لإسعاده ، وإهدارها على طريق الشقاوة والتعاسة والانحراف؟
أهمية صلة الرحم في الإسلام : الآية المذكورة أعلاه ، وإن تحدثت عن كل إرتباط أمر الله به أن يوصل ، إلّاأنّ الإرتباط الرحمي دون شك أحد مصاديقها البارزة.
لقد أعار الإسلام اهتماماً بالغاً بصلة الرحم وبالتودد إلى الأهل والأقارب ، ونهى بشدة عن قطع الإرتباط بالرحم.