رسول الله صلىاللهعليهوآله يصور أهمية صلة الرحم بقوله : «صلة الرحم تعمر الديار وتزيد في الأعمار وإن كان أهلها غير أخيار» (١).
الإسلام مارس هذه العملية على النحو الأكمل في بناء المجتمع الإسلامي القوي الشامخ ، وأمر بإصلاح الوحدات الاجتماعية ، والكائن الإنساني لا يأبى عادة أن ينصاع إلى مثل هذه الأوامر اللازمة لتقوية إرتباط أفراد الاسرة ، لاشتراك هؤلاء الأفراد في الرحم والدم.
وواضح أنّ المجتمع يزداد قوّة وعظمة كلما ازداد التماسك والتعاون والتعاضد في الوحدات الاجتماعية الصغيرة المتمثلة بالاسرة ، وإلى هذه الحقيقة قد يشير الحديث الشريف : «صلة الرحم تعمر الديار».
(كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢٨) هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (٢٩)
نعمة الحياة : القرآن في الآيتين يكمل الأدلة التي أوردها في الآيتين (٢١ و ٢٢) من هذه السورة حول معرفة الله. القرآن يبدأ في أدلته من نقطة لا تقبل الإنكار ، ويركز على مسألة (الحياة) بكل ما فيها من تعقيد وغموض ، ويقول : (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ).
وفي هذه العبارة تذكير للإنسان بما كان عليه قبل الحياة ... لقد كان ميتاً تماماً مثل الأحجار والأخشاب ولم يكن فيه أي أثر للحياة ، لكنه الآن يتمتع بنعمة الحياة ، وبنعمة الشعور والإدراك.
إنّ لغز الحياة لم ينحل حتى اليوم على الرغم من كل ما حققه البشر من تقدم هائل في حقل العلم والمعرفة. لكن السؤال يبقى قائماً بحاله : كيف يكفر الإنسان بالله وينسب هذه الحياة بتعقيداتها وغموضها وأسرارها إلى صنع الطبيعة العمياء الصّماء الفاقدة لكل شعور وإدراك؟
من هنا نقول إنّ ظاهرة الحياة في عالم الطبيعة أعظم سند لإثبات وجود الله تعالى ،
__________________
(١) بحار الأنوار ٧١ / ٩٤.