ففي يوم غدير خم أصبح الدين كاملاً ، إذ لو لم يتمّ تعيين خليفة للنبي صلىاللهعليهوآله ولو لم يتمّ تعيين وضع مستقبل الامة الإسلامية ، لم تكن لتكتمل الشريعة بدون ذلك ولم يكن ليكتمل الدين.
وقد وردت في الآية (٥٥) من سورة النور نقطة مهمة جديرة بالإنتباه ـ فالآية تقول : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَءَامَنُوا مِنكُم وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِى الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِى ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا).
والله سبحانه وتعالى يقطع في هذه الآية وعداً على نفسه بأن يرسخ دعائم الدين ، الذي ارتضاه للمؤمنين في الأرض.
ولمّا كان نزول سورة النور قبل نزول سورة المائدة ، ونظراً إلى جملة (وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلمَ دِينًا) الواردة في الآية الأخيرة ـ موضوع البحث ـ والتي نزلت في حق علي بن أبي طالب عليهالسلام لذلك كلّه نستنتج أنّ حكم الإسلام يتعزز ويترسخ في الأرض إذا اقترن بالولاية ، لأنّ الإسلام هو الدين الذي ارتضاه الله ووعد بترسيخ دعائمه وتعزيزه ، وبعبارة أوضح أنّ الإسلام إذا اريد له أن يعم العالم كله يجب عدم فصله عن ولاية أهل البيت عليهمالسلام.
أمّا الأمر الثاني الذي نستنتجه من ضمن الآية الواردة في سورة النور إلى الآية التي هي موضوع بحثنا الآن ، فهو أنّ الآية الاولى قد أعطت للمؤمنين وعودا ثلاثة :
أوّلها : الخلافة على الأرض.
والثاني : تحقق الأمن والإستقرار لكي تكون العبادة لله وحده.
والثالث : استقرار الدين الذي يرضاه الله في الأرض.
ولقد تحققت هذه الوعود الثلاثة في «يوم غدير خم» بنزول آية : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) فمثال الإنسان المؤمن الصالح هو علي عليهالسلام الذي نصب وصيّاً للنّبي صلىاللهعليهوآله ودلّت عبارة (الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن دِينِكُمْ) على أنّ الأمن قد تحقق بصورة نسبية لدى المؤمنين ، كما بيّنت عبارة : (وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلمَ دِينًا) إنّ الله قد اختار الدين الذي يرتضيه ، وأقرّه بين عباده المسلمين.
لقد أعادت الآية ـ في نهايتها ـ الكرة في التحدث عن اللحوم المحرمة فبيّنت حكم الاضطرار في حالة المعاناة من الجوع إذ أجازت تناول اللحم المحرم بشرط أن لا يكون هدف الشخص ارتكاب المعصية من تناول ذلك ، مشيرة إلى غفران الله ورحمته في عدم