«جوارح» : مشتقة من المصدر «جرح» الذي يعني أحياناً «الكسب» وتارة يعني «الجرح» الذي يصاب به البدن ولذلك يطلق على الحيوانات المدرّبة على الصيد ، سواء كانت من الطيور أو من غيرها ، اسم «جارحة» وجمعها «جوارح» أي الحيوان الذي يجرح صيده ، أو بالمعنى الآخر الحيوان الذي يكسب لصاحبه.
وبديهي أنّ الصيد الذي تجلبه حيوانات مدرّبة اخرى ، يعتبر حلالاً في حالة جلبه حيّاً وذبحه وفق الطريقة الشرعية.
وبديهي أنّ الحيوان الذي تصيده كلاب الصيد ، يجب أن يذبح وفق الطريقة الشرعية إن جلب حيّاً ، وإن مات الحيوان قبل دركه فلحمه حلال وإن لم يذبح.
وأخيراً أشارت الآية الكريمة إلى شرطين آخرين من شروط تحليل مثل هذا النوع من الصيد :
أوّلهما : أن لا يأكل كلب الصيد من صيده شيئاً ، حيث قالت الآية : (فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ). وعلى هذا الأساس فإنّ الكلاب لو أكلت من الصيد شيئاً قبل إيصاله إلى صاحبها ، وتركت قسماً آخر منه ، فلا يحل لحم مثل هذا الصيد ومثل هذا الكلب الذي يأكل الصيد لا يعتبر كلباً مدرباً ، كما لا يعتبر ما تركه من الصيد مصداقاً لعبارة (مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ) لأنّه في هذه الحالة يكون (أي الكلب) قد صاد لنفسه.
والأمر الثاني : هو ضرورة ذكر اسم الله على الصيد بعد أن يتركه الكلب ، حيث قالت الآية : (وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ).
ولكي تضمن الآية رعاية الأحكام الإلهية ـ هذه ـ كلها ، أكّدت في الختام قائلة : «وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ). داعية إلى الخوف من الله العزيز القدير ومن حسابه السريع.
(الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (٥)