حكم طعام أهل الكتاب وحكم الزواج معهم : تناولت هذه الآية ، التي جاءت مكملة للآيات السابقة ، نوعاً آخر من الغذاء الحلال ، فبيّنت أنّ كل غذاء طاهر حلال ، وإنّ غذاء أهل الكتاب حلال للمسلمين ، وغذاء المسلمين حلال لأهل الكتاب ، وحيث قالت الآية : (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ).
والمقصود ب «طعام أهل الكتاب» هو غير اللحوم المذبوحة بأيدي أهل الكتاب. فقد جاء في تفسير علي بن إبراهيم القمي عن الإمام الصادق عليهالسلام أنّه قال في هذه الآية : «عني بطعامهم الحبوب والفاكهة غير الذبائح التي يذبحونها ، فإنّهم لا يذكرون اسم الله على ذبائحهم».
حكم الزواج بغير المسلمات : بعد أن بيّنت هذه الآية حلية طعام أهل الكتاب تحدثت عن الزواج بالنساء المحصنات من المسلمات ومن أهل الكتاب ، فقالت بأنّ المسلمين يستطيعون الزواج بالنساء المحصنات من المسلمات ومن أهل الكتاب ، شرط أن يدفعوا لهن مهورهن ، حيث تقول الآية : (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتِ مِنَ الَّذِينَ أُتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَاءَاتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ). على أن يكون التواصل بوسيلة الزّواج المشروع وليس عن طريق الزنا الصريح ، ولا عن طريق المعاشرة الخفية ، حيث تقول الآية : (مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِى أَخْدَانٍ).
وهذا الجزء من الآية الكريمة يقلل الحدود التي كانت مفروضة على الزواج بين المسلمين وغيرهم ، ويبيّن جواز زواج المسلم بالمرأة الكتابية ضمن شروط خاصة.
ولا يخفى علينا ما شاع في عالم اليوم من تقاليد الجاهلية بصورة مختلفة ، ومن ذلك إنتخاب الرجل أو المرأة خليلاً من الجنس الآخر وبصورة علنية ، وقد تمادى إنسان عالم اليوم أكثر من نظيره الجاهلي في التحلل والخلاعة والمجون الجنسي ، ففي حين كان الإنسان الجاهلي ينتخب الأَخلاء سرّاً وفي الخفاء ، أصبح إنسان اليوم لا يرى بأساً من إعلان هذا الأمر والتباهي به بكل صلف ووقاحة ، ويعتبر هذا التقليد المشين نوعاً صريحاً ومفضوحاً من الفحشاء وهدية مشؤومة انتقلت من الغرب إلى الشرق وأصبحت مصدراً للكثير من النكبات والكوارث.
ولكي تسد الآية طريق إساءة استغلال موضوع التقارب والمعاشرة مع أهل الكتاب والزواج من المرأة الكتابية على البعض من ضعاف النفوس ، وتحول دون الانحراف إلى هذا