الأمر بعلم أو بدون علم ، حذّرت المسلمين في جزئها الأخير فقالت :(وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِى الْأَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ).
وهذه إشارة إلى أنّ التسهيلات الواردة في الآية بالإضافة إلى كونها تؤدّي إلى السعة ورفع الحرج عن حياة المسلمين ، يجب أن تكون ـ أيضاً ـ سبباً لتغلغل الإسلام إلى نفوس الأجانب ، لا أن يقع المسلمون تحت نفوذ وتأثير الغير فيتركوا دينهم ، وحيث سيؤدّي بهم هذا الأمر إلى نيل العقاب الإلهي الصارم الشديد.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (٦)
تطهير الجسم والروح : لقد تناولت الآيات السابقة بحوثاً متعددة عن الطيبات الجسمانية والنعم المادية ، أمّا الآية الأخيرة فهي تتحدث عن الطيبات الروحية وما يكون سبباً لطهارة الروح والنفس الإنسانية ، فقد بيّنت هذه الآية أحكاماً مثل الوضوء والغسل والتيمم ، التي تكون سبباً في صفاء وطهارة الروح الإنسانية ـ فخاطبت المؤمنين في البداية موضحة أحكام الوضوء بقولها : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَوةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ).
وقد شرحت الروايات الواردة عن أهل البيت عليهمالسلام اسلوب الغسل وفق سنّة النبي صلىاللهعليهوآله وهو غسل اليدين من المرفق حتى أطراف الأصابع.
بعد ذلك كله بيّنت الآية حكم الغسل عن جنابة حيث قالت : (وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا). والواضح أنّ المراد من جملة «فاطّهروا» هو غسل جميع الجسم ، لأنّه لو كان المراد جزءاً خاصاً منه لأقتضى ذكر ذلك الجزء.