الجنة التي وعد بها المتقون ، بل كانت من جنان الدنيا ، وصقعاً منعّماً خلّاباً من أصقاع الأرض. ودليلنا على ذلك :
أوّلاً : الجنة الموعودة في القيامة نعمة خالدة ، والقرآن ذكر مراراً خلودها ، فلا يمكن إذن الخروج منها.
ثانياً : إبليس الملعون ليس له طريق للجنة ، وليس لوسوسته مكان هناك.
ثالثاً : وردت عن أهل البيت عليهمالسلام روايات تصرح بذلك.
في الكافي عن الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليهالسلام أنّه سئل عن جنة آدم ، فقال : «جنة من جنات الدنيا ، يطلع فيها الشمس والقمر ، ولو كانت من جنان الآخرة ما خرج منها أبداً».
من هذا يتضح أنّ هبوط آدم ونزوله إلى الأرض لم يكن مكانياً بل مقامياً ، أي أنّه هبط من مكانته السامية ومن تلك الجنة المزدانة.
٢ ـ المقصود من الشيطان في القرآن :كلمة الشيطان من مادة «شطن» و «الشاطن» هو الخبيث والوضيع ، والشيطان تطلق على الموجود المتمرد العاصي ، إنساناً كان أو غير إنسان ، وتعني أيضاً الروح الشريرة البعيدة عن الحق. وبين كل هذه المعاني قدر مشترك.
والشيطان اسم جنس عام ، وإبليس اسم علم خاص ، وبعبارة اخرى ، الشيطان كل موجود مؤذٍ مغوٍ طاغ متمرد ، إنساناً كان أم غير إنسان ، وإبليس اسم الشيطان الذي أغوى آدم ويتربّص هو وجنده الدوائر بأبناء آدم دوماً.
من مواضع استعمال هذه الكلمة في القرآن يفهم أنّ كلمة الشيطان تطلق على الموجود المؤذي المضر المنحرف الذي يسعى إلى بثّ الفرقة والفساد والاختلاف ، مثل قوله تعالى : (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ) (١).
والاستعمال القرآني لكلمة شيطان يشمل حتى أفراد البشر المفسدين المعادين للدعوة الإلهيّة ، كقوله تعالى : (وَكَذلِكَ جَعَلْنَا لِكُلّ نَبِىٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنّ) (٢).
كلمة الشيطان اطلقت على إبليس أيضاً بسبب فساده وإنحرافه.
٣ ـ لماذا خُلق الشيطان؟ يثار أحياناً سؤال عن سبب خلق هذا الموجود المضل المغوي ، وفي الجواب نقول :
__________________
(١) سورة المائدة / ٩١.
(٢) سورة الأنعام / ١١٢.