أوّلاً : لم يخلق الله الشيطان ، شيطاناً ، والدليل على ذلك وجوده بين ملائكة الله وعلى الفطرة الطاهرة ، لكنه بعد تحرره أساء التصرف ، وعزم على الطغيان والتمرد ، إنّه إذن خلق طاهراً ، وسلك طريق الانحراف مختاراً.
ثانياً : وجود الشيطان لا يسبب ضرراً للأفراد المؤمنين ، ولطلاب طريق الحق ، في منظار نظام الخليقة ، بل إنّه وسيلة لتقدمهم وتكاملهم ، إذ إنّ التطور والتقدم يتم من خلال صراع الأضداد.
(فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (٣٧) قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٣٨) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (٣٩)
عودة آدم عليهالسلام إلى الله : بعد حادثة وسوسة إبليس ، وصدور الأمر الإلهي لآدم بالخروج من الجنة ، فهم آدم أنّه ظلم نفسه ، وهنا أخذ آدم يفكر في تلافي خطئه ، فاتجه بكل وجوده إلى بارئه وهو نادم أشد الندم ، وأدركته رحمة الله في هذه اللحظات كما تقول الآية : (فَتَلَقَّى ءَادَمُ مِنْ رَبّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ).
«التوبة» في اللغة بمعنى «العودة» وهي في التعبير القرآني ، بمعنى العودة عن الذنب ، إن نُسبت إلى المذنب ، وإن نسبت كلمة التوبة إلى الله فتعني عودته سبحانه إلى الرحمة التي كانت مسلوبة عن العبد المذنب. ولذلك فهو تعالى «توّاب» في التعبير القرآني.
على أي حال ، لقد حدث ما لا ينبغي أن يحدث ـ أو ما ينبغي أن يحدث ـ وقُبلت توبة آدم. لكن الأثر الوضعي للهبوط في الأرض لم يتغير ، كما يذكر القرآن : (قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِّنّى هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَاىَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ* وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بَايَاتِنَا أُولئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ).
الكلمات التي تلقاها آدم : تعددت الآراء في تفسير «الكلمات» التي تلقاها آدم عليهالسلام من ربّه. المعروف أنّها الكلمات المذكورة في الآية (٢٣) من سورة الأعراف : (قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّم تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).
وقال آخرون أنّ المقصود من الكلمات هذا الدعاء :