٥ ـ عن هانئ بن هانئ عن عليّ عليهالسلام قال : لما صدرنا من مكة إذا ابنة حمزة تنادي : يا عم يا عم ، فتناولها على عليهالسلام عنه وأخذها فقال لصاحبته : دونك ابنة عمك فحملتها ، فاختصم فيها على وزيد وجعفر ، فقال عليّ : أنا آخذها وهي بنت عمي. وقال جعفر : ابنة عمي وخالتها تحتي. وقال زيد : ابنة أخي. فقضى رسول الله صلىاللهعليهوآله لخالتها وقال : «الخالة بمنزلة الأم» ، ثم قال لعليّ : «أنت منّي بمنزلة هارون وأنا منك» (١).
٦ ـ عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «يا علي إنّه يحلّ لك في المسجد ما يحلّ لي وإنّك منّي بمنزلة هارون من موسى إلّاأنّه لا نبيّ بعدي» (٢).
هذه الموارد الستّة هي غير غزوة تبوك ، أخذناها برمتها من المصادر المعروفة لأهل السنة ، وإلّا فإنّ هناك في الروايات المروية عن طريق الشيعة موارد اخرى قال فيها رسول الله صلىاللهعليهوآله هذه العبارة في شأن علي عليهالسلام أيضاً.
من مجموع ذلك يستفاد أنّ حديث المنزلة لم يكن مختصاً بغزوة تبوك ، بل هو أمر عام ودائم في شأن علي عليهالسلام.
ومن هنا يتّضح أيضاً أنّ ما تصوره بعض علماء السنّة مثل «الآمدي» من أنّ هذا الحديث يتكفل حكماً خاصّاً في مجال خلافة علي عليهالسلام وأنّه يرتبط بظرف غزوة تبوك خاصة ، ولا يرتبط بغيره من الظروف والأوقات ، تصور باطل أساساً ، لأنّ النبي صلىاللهعليهوآله كرّر هذه العبارة في مناسبات متنوعة ممّا يفيد أنّه كان حكماً عاماً.
محتوى حديث المنزلة : لو درسنا ـ بموضوعية وتجرّد ـ هذا الحديث ، وتجنّبْنا الأحكام المسبّقة والتحججات الناشئة من العصبية ، لاستفدنا من هذا الحديث أنّ علياً عليهالسلام كان له ـ بموجب هذا الحديث ـ جميع المنازل التي كانت لهارون في بني إسرائيل ـ إلّاالنبوة.
(وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ مُوسَى صَعِقاً فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) (١٤٣)
__________________
(١) خصائص النسائي / ٨٨.
(٢) ينابيع المودة ١ / ٢٦٠.